قلت: هذه أهم أدلتهم وقد أورد صاحب الهداية بعض الأدلة العقلية للحنفية ولا يصلح الاستمساك بشيء منها حتى إن بعضها ناقض أصول المذهب الحنفي نفسه مما حدى بصاحب العناية إلى الاعتذار عن ذلك أو محاولة توجيه التناقض (?) .
أدلة القول الثاني:
لهم أدلة من السنة والأثر من ذلك:
1- ما روى البخاري ومسلم واللفظ له من حديث جابر قال: أعتق رجل من بني عذرة عبداً له عن دبر فبلغ ذلك رسول الله (فقال: ألك مال غيره؟ فقال: لا. فقال: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم فجاء بها رسول الله (فدفعها إليه ثم قال: ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك ... الحديث (?) .
قلت: هذا الحديث ناصع الدلالة على جواز بيع المدبر، وقد ترجم له البخاري في موضعين من صحيحه بقوله: باب بيع المدبر، لكن المخالفين لهم أجوبة عليه أكثرها متكلفة لا تقوى على رد الأدلة الصحيحة التي ذكرها أهل القول الأول من ذلك:
أ - قولهم يحتمل أنه إنما باعه النبي (في دين وقد يباع في الدين ما يمنع من بيعه في غير الدين كالمعتق في المرض.
وأجيب عنه بأنه لو كان بيعه لا يجوز إلا في الدين لكان بيعه موقوفاً على طلب الغرماء، ولما جاز أن يبيع منه إلا قدر الدين وقد باعه كله بثمن دفعه إليه وقال له: أنفق على نفسك ثم على عيالك ثم على ذوي رحمك ثم اصنع بالفضل ما شئت فدل على بيعه في الدين وغير الدين (?) .
ب - يحتمل أن النبي (إنما باع خدمة المدبر لا رقبته أي أنه أجَّره والإجارة تسمى بيعاً بلغة أهل المدينة (?) .