أجمع الصحابة - رضوان الله عليهم- على القول بعدم جواز مس المحدث المصحف، حيث روي ذلك عمن تقدم ذكرهم من فقهاء الصحابة ومشاهيرهم، ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف (?) ، فكان إجماعًا سكوتيًا (?) ، بل كان ذلك هو المستقر عند الصحابة زمن النبوة وبعده ويدل عليه قصة إسلام عمر، فإنه حين دخل على أخته وزوجها وهم يقرؤن القرآن فقال: أعطوني الكتاب الذي عندكم أقرؤه، فقالت له أخته: إنك رجس، ولا يمسه إلا المطهرون، فقم واغتسل، أو توضأ، فقام عمر فتوضأ، ثم أخذ الكتاب، فقرأ طه) رواه الدارقطني (?) ، والبيهقي (?) .
وروي عن علقمة قال: كنا مع سلمان الفارسي في سفر، فقضى حاجته، فقلنا له: توضأ حتى نسألك عن آية من القرآن، فقال: سلوني، فإني لست أمسه، فقرأ علينا ما أردنا، ولم يكن بيننا وبينه ماء) وفي لفظ آخر أنه قال: (سلوني فإني لا أمسه، إنه لا يمسه إلا المطهرون) (?) .
قال البيهقي بعد روايته هذا الأثر: (وكأنهم ذهبوا – القائلون بعدم جواز مس المصحف – في تأويل الآية إلى ما ذهب إليه سلمان، وعلى ذلك حملته أخت عمر ابن الخطاب في قصة إسلامه) (?) .