وقد سبق أن بينا بطلان الاستدلال بكتبهم لعدم الثقة بها إجمالاً، وسنبين هنا بشيء من التفصيل ما يتعلق بالكتب التي استدلوا بها سنداً، وكذلك نبين عدم صحة فهمهم للنصوص التي استدلوا بها.
المطلب الأول: ((سفر دانيال)) :
((سفر دانيال)) من أهم الكتب التي اعتمدوا عليها في دعوى المجيء، و ((سفر دانيال)) هو سفر تاريخي ورؤى، فجزؤه الأول (1-6) يحكي قصصاً مختلفةً وقعت ل ((دانيال)) مع ملوك بابل، أما الإصحاحات من (7 –12) ففيها رؤى متعلقة بما سيحدث لبني إسرائيل بعد ذلك.
أما ((دانيال)) المنسوب إليه السفر، فهو عند بعض النصارى حكيم ورجل سياسة وذو بصيرة بتفسير الأحلام، وهو عند الكاثوليك والأرثوذكس الذين يأخذون بالنسخة اليونانية من الأنبياء الكبار (1) .
وتعتبر الرؤى الواردة في ((سفر دانيال)) وخاصةً في ((الإصحاح السابع)) و ((التاسع)) وآخر ((الحادي عشر)) و ((الإصحاح الثاني عشر)) هي أساس من الأسس التي ترتكز عليها دعاوى المجيء الثاني للمسيح والأحداث المرافقة، بل ويعتبر بعضها الأساس لما ورد في ((رؤيا يوحنا)) من ذلك،كما سيأتي، لهذا نشير إلى ما يتعلق بهذا السفر من ناحية صحة سنده وكذلك متنه:
1-كاتب السفر:
ينسب التقليد اليهودي والكنسي ((سفر دانيال)) إلى ذلك الشاب الذي عاش في زمن ((بختنصر)) بعد السبي البابلي أي بعد عام 586ق0م في ((بابل)) ، إلا أن هذا الأمر لم يقم على إثباته أي دليلٍ معتبرٍ يمكن الاعتماد عليه.
بل إن المقدمة التي كتبت عن ((سفر دانيال)) في طبعة ((دار الكتاب المقدس)) في الشرق الأوسط لعام 1992م، بعناية ((الآباء اليسوعيين)) والأديب ((إبراهيم اليازجي)) (74) قالوا ما نصه: ((ليس دانيال مؤلف السفر الذي يحمل اسمه إن هو إلا شخصه الرئيسي… إن مؤلفاً ملهماً (75) لم يترك لنا اسمه قد ضم إلى هذه الصورة الشهيرة عن الماضي عدة رؤى ذات إنشاءٍ روائي)) (76) .