كما أنه ذكر أن متى كتب كتابه باللغة العبرية، والكتاب لم تُعرف له أصولٌ عبرية البتة، وإنما وجد باللغة اليونانية، وهذا إما أن يدل على أن ((بابياس)) عنى كتاباً آخر غير الموجود عند النصارى، وإما أن يكون ترجم من العبرية إلى اليونانية فينشأ من هذا إشكال آخر وهو: من هو مترجمه؟ وما مدى علمه واستقامته وتدينه؟ وكذلك مامدى معرفته بالعبرية التي ترجم منها ومعرفته باليونانية التي ترجم إليها؟ إذ لابد من الاطمئنان على معرفته باللغتين للتأكد من صحة ترجمته، وهذا مهمٌ جداً لأن النسخة اليونانية صارت هي الأصل، أما العبرية فمفقودة، فلابد من التأكد من علم مترجمها وأمانته وإلا فقدت قيمتها.
وكذلك قوله عن ((مرقص)) : فإنه لم يحدد من هو ((مرقص)) هذا الذي صار مفسراً ((لبطرس)) وقال: إنه كتب ما تذكر، مما يدل على أن الكتابة ليست موثقة، وإنما هي كتابة من الذاكرة التي لا يمكن اعتبارها شاهداً موثوقاً، ثم قال أيضاً: إن ((بطرس)) إنما ذكر حاجة السامعين بدون أن يهدف إلى ذكر ما قاله الرب، مما يعنى محدودية المعلومات المذكورة وأن هناك أشياء كثيرة لم يذكرها، مما يدل على ضياع التعاليم ولعدم شمولها لكل أقوال المسيح أو على الأقل أكثرها، بل الأكثر هو الذي لم يذكر.
فمن هنا يمكننا القول إنه لا يوجد لدى النصارى الإثباتات اللازمة لتأكيد صحة نسبة الأناجيل إلى من نسبت إليهم.
وأن كل دعاويهم التي يدعون: مثل أن تلك الكتب وحي من الله أو الروح القدس، أو أنها صحيحةٌ وصادقةٌ، لا دليل عليها ألبتة سوى مجرد الدعوى.
المبحث الثاني: في بطلان ما استدلوا به من دعاويهم في المجيء
سنداً ومتناً.
استدل النصارى بنصوصٍ عديدةٍ على المجيء بالكيفيات التي ادعوها، وجُل النصوص التي استدلوا بها تعود إلى ثلاثة كتب:
1- ((سفر دانيال)) 2- ((رسائل بولس)) 3- ((سفر رؤيا يوحنا)) .