والجمهور لا يطلقون هذا اللفظ في حق اللَّه؛ لأن العشق هو المحبة المفرطة الزائدة على الحد الذي ينبغي، واللَّه تعالى محبته لا نهاية لها فليست تنتهي إلى حد لا تنبغي مجاوزته.

قال هؤلاء: والعشق مذموم مطلقاً لا يمدح لا في محبة الخالق ولا المخلوق لأنه المحبة المفرطة الزائدة على الحد المحمود و (أيضاً) فإن لفظ (العشق) إنما يستعمل في العرف في محبة الإنسان لامرأة أو صبي، لا يستعمل في محبة كمحبة الأهل والمال والوطن والجاه، ومحبة الأنبياء والصالحين، وهو مقرون كثيراً بالفعل المحرم: إما بمحبة امرأة أجنبية أو صبي، يقترن به النظر المحرم، واللمس المحرم، وغير ذلك من الأفعال المحرمة ...

إلى أن قال رحمه اللَّه: فكيف عشق الأجنبية والذكران من العالمين؟!! ففيه من الفساد ما لا يحصيه إلاَّ رب العباد وهو من الأمراض التي تُفسد دين صاحبها وعرضه، ثم قد تفسد عقله ثم جسمه. قال تعالى: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ((?) (?) .

وقال ابن القيم رحمه اللَّه في تعريف العشق: (هو الإفراط في المحبة، بحيث يستولي المعشوق على القلب من العاشق، حتى لا يخلو من تخيله وذكره والتفكر فيه، بحيث لا يغيب عن خاطره وذهنه، فعند ذلك تشتغل النفس بالخواطر النفسانية فتتعطل تلك القوى، فيحدث بتعطيلها من الآفات على البدن والروح ما يعسر دواؤه ويعتذر، أفعاله وصفاته ومقاصده، ويختل جميع ذلك فيعجز البشر عن صلاحه ... والعشق مبادئه سهلة حلوة، وأوسطه هم وشغل قلب وسقم، وآخره عطب وقتل، إن لم تتداركه عناية من اللَّه) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015