للعبد لم يأذن بها الله تعالى. كما أن الإيمان بالقضاء والقدر، وبما جاء في هذا الجزء من الحديث، من أعظم أسباب الشجاعة والإقدام والجهاد، فلن يستطيع الأعداء أن يضروا أحداً بشيء مهما خططوا وتآمروا إلا بشيء قد كتبه الله وقدره لحكم أرادها. والشجاعة ليست هي قوة البدن، فقد يكون الرجل قوي البدن، ضعيف القلب، وإنما الشجاعة قوة القلب وثباته، فإن القتال مداره على قوة البدن، وصنعته للقتال، وعلى قوة القلب وخبرته به، والمحمود منهما ما كان بعلم ومعرفة، دون التهور الذي لا يفكر صاحبه، ولا يميز بين المحمود والمذموم (?) . فهذا الحديث العظيم يوجب الإيمان بالقضاء والقدر، وهو الركن السادس من أركان الإيمان، والإيمان به يتضمن الإيمان بمراتبه الأربع، وهي: المرتبة الأولى: الإيمان بعلم الله المحيط بكل شيء، الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، وأنه تعالى قد علم جميع خلقه قبل أن يخلقهم، وعلم أرزاقهم وأقوالهم وأعمالهم وجميع حركاتهم وسكناتهم، وإسرارهم وعلانياتهم ومن هو منهم من أهل الجنة، ومن هو منهم من أهل النار، قال تعالى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَة ((?) ، وقال سبحانه: (عَالِمِ الْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ ((?) ، وقال: (وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ((?) ، وقال (: (إن الله خلق للجنة أهلاً خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم وخلق للنار أهلاً خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم) (?) ، ولما سئل (عن أولاد المشركين قال: (الله أعلم بما كانوا عاملين) (?)