في قوله (: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) يبين الرسول (في هذا الكلمات أن الأمة لو اجتمعت واتفقت كلها على نفع إنسان بشيء لم يستطيعوا نفعه إلا بشيء قد كتبه الله وقدره له، وإن وقع منهم نفع له فإنما هو من الله تعالى؛ لأنه هو الذي كتبه وقدره. فالرسول (لم يقل لو اجتمعت الأمة على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك، وإنما قال: (لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك) ، فالناس ينفع بعضهم بعضاً، لكن كل هذا مما كتبه الله للإنسان، فالفضل فيه لله (أولاً، فهو الذي سخر لك من ينفعك، ويحسن إليك، ويزيل كربتك. وكذلك لو اجتمعت الأمة على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، ((والإيمان بهذا يستلزم أن يكون الإنسان متعلقاً بربه، ومتكلاً عليه، لا يهتم بأحد؛ لأنه يعلم أنه لو اجتمع كل الخلق على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه، وحينئذ يعلق رجاءه بالله، ويعتصم به، ولا يهمه الخلق، ولو اجتمعوا عليه، ولهذا نجد الناس في سلف هذه الأمة لما اعتمدوا على الله وتوكلوا عليه لم يضرّهم كيد الكائدين، ولا حسد الحاسدين: (وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيط ((?) …)) (?) . فالإيمان بالقضاء والقدر، والاعتماد على الله وحده، في كل الشؤون، سكينة واطمئنان للعبد، إذ لا يبالي بما يدبره الخلق أو يهددونه به، لأنه يعلم أن الخير والشر بتقدير الله تعالى، والنفع والضر بإرادته وحكمته سبحانه، فلا يستطيع أحد من الخلق أن يحقق للعبد أذى أو ابتلاء إلا بإذن الله تعالى لحكم يريدها سبحانه، بل الله يدافع عنه وينصره ويؤيده، وكذلك لا يستطيع أحد من الخلق تحقيق منفعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015