على أن هذا قد هجر في الاستعمال في عصرنا واستُبدل به ((التقييم)) في المعنى نفسه، وجُعل ((التقويم)) خاصاً بدلالة أخرى، وكأنه بمعنى ((التربية)) ، يقال: تقويم الأحداث. على أنك تجد ((التقويم)) مفيداً شيئاً من معناه القديم كأن يقال تقويم نتائج الامتحانات العامة.
وقرأت:
((إن المسؤولين يعملون على تقديم الخدمات الأفضل للمواطنين)) .
أقول: و ((الأفضل)) هنا ((أفعل)) للتفضيل، وهي صفة للجمع ((الخدمات)) .
ولما كانت محلاّة بالألف واللام كان لنا أن نحملها على المطابقة فنقول:
((الخدمات الفُضْلى)) . غير أن المعاصرين لايستشعرون معنى التفضيل في ((الفضلى والكبرى والعليا)) ونحو ذلك. ولم تدرك أنهم يتحرّون حدّ التفضيل.
أقول: ومن هذا قول الكثيرين: ((الدولتان الأعظم ... )) ، والصواب ((الدولتان العظميان)) ، فانظر كيف ننال من حدود العربية.
وقرأت أيضاً:
((إن العاصمة الاقتصادية تتمتع بدورها الاقتصادي كمنطقة حرّة ... )) .
أقول: إن ((الدور)) في هذه الجملة قد دخل العربية المعاصرة وصار شيئاً من مادتها. ولم نعرف هذه الكلمة في العربية التي عرفناها إلا منذ عدة عقود من السنين، وقد جئنا بها فيما نترجمه من اللغات الغربية، وأصلها شيء من لغة أهل المسرح.
وأصل ((الدور)) في العربية مصدر للفعل ((دار)) كالدوران.
ثم إن استعمال الكاف في قول القائل المحرر ((كمنطقة)) مأخوذ مما يقال ويكتب في اللغات الغربية، وهي ليست كاف التشبيه في العربية، غير أنها دخلته هذه العربية المعاصرة وشاع استعمالها.
وقرأت: ((إن وزير الخارجية يتسلم رسالة من نظيره العراقي)) .
أقول: إن استعمال المحرر ل ((نظير)) مأخوذ من اللغات الأجنبية، فالوزير العراقي لا يصح أن نطلق عليه الوصف ((نظير)) لأنه يشغل هذا المنصب كالوزير اليمني، ولكنها اللغة الجديدة التي تنقل الذي يدور ويعرف في اللغات الأجنبية.