)) ( [152] ) .

محاسن المنهج وعيوبه:

الذي لا ينكره منصف أن المنهج النفسي في نقد الأدب فتح آفاقاً جديدة لمعرفة النفس الإنسانية أمام النقاد والأدباء، وهي آفاق كانت بعيدة عن أذهانهم، وزادهم وعياً بخصائص النفس الإنسانية في نماذجها المختلفة، ووصف لهم ما أمكن من خلجات النفس ومشاعرها ( [153] ) .

ودعا نقاد الأدب إلى تخطي الرؤية الساذجة في النظر إلى العمل الأدبي، والبحث عن دلالات أعمق ينطوي عليها النص، تتجاوز الدلالة الظاهرة التي يعرفها كل إنسان ( [154] ) .

وكشف عن علاقة متينة بين العمل ومنتجه ( [155] ) ، وأوضح العبقرية التي يتميز بها المبدعون تلك العبقريات التي كانت تنسب إلى الإلهام أو إلى الجنون، أو إلى شياطين الشعر، يقول فرويد: ((الشعراء والروائيون يعرفون بين السماء والأرض كثيراً من الأشياء ما تزال حكمتنا المدرسية غير قادرة على الحلم بها. فهم في معرفة النفس أساتذتنا نحن البشر العاديين؛ لأنهم يعّبون من ينابيع لم نجعلها بعد قابلة للإدراك علمياً)) ( [156] ) .

وقدّم لنا فهماً جديداً للنص، وفسر أفكاره الغامضة، وهي من أهم محاسن هذا المنهج ((سواءً في فهم الصور الشعرية والتركيبية أو في وعي شخصيات أبطال الآثار المسرحية والقصصية. فالصورة الأدبية كانت، في ما سبق فرويد من مدارس النقد واتجاهاته، تعد ضرباً من ضروب الزينة الأسلوبية، وتحمل على ولوع الأدباء بترصيع الكلام بالأصباغ المجازية، لذلك فإن عناية الناقد إنما تتجه إليها في حدود انطباع بسيط لا يتجاوز الوقوف على ما فيها من جودة الانفراد، أو ابتذال الاحتذاء. أما مع فرويد وبعده، فقد حملت هذه الصور دلالات بلغت من العمق شأناً بعيداً عندما عُدّت رمزاً يفصح عن خبايا نفسية مضمرة تحيل على اللاوعي وعلى ما في الشخصية المبدعة أو القارئة من عقد ومركبات وحصارات يشترك فيها الجميع ويتمايز بها الأفراد في القوة والضعف والاشتداد)) ( [157] ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015