((لقد أثرت آراء فرويد ويونج على الأخص في الاتجاهات الأدبية المعاصرة، واعتبرت الأسطورة عملاً فنياً رمزياً، يستطيع أن يتكيء الفنان المعاصر على دلالاتها الخصبة في التعبير عن القيم، وعن المشاعر الإنسانية الأصيلة والمتطورة على السواء. فإنه بالتوسع في الدلالات الرمزية للأساطير وبانتقاء بعض العناصر دون بعضها الآخر في تمثل فني واعٍ، يمزج بين عالم هذه الأساطير وبين الرؤية الفنية الشاملة للإنسان وللعالم، يستطيع الشاعر المعاصر أن يحيل هذه الرموز الأسطورية إلى وسائط فنية ثرية بالعطاء، لقارئه، حيث تستثير في نفسه أعمق النوازع وأصدق الأحاسيس بجانب ما تشف عنه في استخداماتها الموفقة من اتجاهات فكرية معاصرة)) ( [137] ) .
التحليل النفسي والفكر الحديث:
لقد حظيت نظرية التحليل النفسي بكثير من العناية والاهتمام، وأثرت في الفكر الحديث تأثيراً عنيفاً حتى إنه ((لا تكاد توجد نظرية واحدة قد أحدثت ما أحدثته من الانقلاب في سير المجتمعات إلا نظرية دارون من قبل، ونظرية كارل ماركس التي سبقت فرويد في الزمن ولكنها لحقته في التنفيذ ... لقد اعتنقت آراءه الجماهير، يظاهرها في ذلك كثير من العلماء. ولم يكتفوا بنصوص نظرياته، بل توسعوا في تفسيرها على هواهم، وآمنوا جميعاً بأن الأمر الطبيعي هو أن تنطلق الغرائز من معقلها، ولا تقف عند حد إلا حد الاكتفاء)) ( [138] ) .
وقد رجع المفكر الإسلامي محمد قطب هذه الهزة العنيفة التي أحدثتها هذه النظرية إلى الأسباب التالية:
1 - الثورة على تعاليم الكنيسة التي رأى فيها الناس حجراً على الحريات، وسبباً للعقد والانحرافات الخلقية.
2 - انتصار النظريات العلمية على قيم الكنيسة، وتدميرها تدميراً شاملاً.