والذي وجدته في معاني القرآن للفراء في الوجه الثالث في قراءة " بعوضة " وهو أحب الوجوه إليه: أن تجعل المعنى على: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بين بعوضة إلى ما فوقها، والعرب إذا ألقت " بين " من كلام تصلح " إلى " في آخره نصبوا الحرفين المخفوضين اللذين خفض أحدهما ب " بين " والآخر ب " إلى " فيقولون: مطرنا ما زُبَالة فالثعلبية، وله عشرون ما ناقة فجملا ً، وهي أحسن الناس ما قرنا فقدما " إشارة إلى البيت السابق " يراد به: ما بين قرنها إلى قدمها، ويجوز أن تجعل القرن والقدم معرفة فتقول: هي حسنة ما قرنها فقدمها. (139)
وجاء فيه: قال الكسائي " سمعت أعرابيا ورأى الهلال فقال: الحمد لله ما إهلالَك إلى سرارِك، يريد: مابين إهلالِك إلى سرارِك، فجعلوا النصب الذي كان يكون في " بين " فيما بعده إذا سقطت؛ ليعلم أن معنى " بين " مرَاد، وحكى الكسائي عن بعض العرب: الشَّنْق ما خمساً إلى خمس وعشرين، يريد ما بين خمس إلى خمس وعشرين، والشنْق ما لم تجب فيه الفريضة من الإبل، والأوقاص في البقر. (140)
وذكر السيوطي: " أصله ما بين قرن فحذف بين وأقام قرناً مقامها ومثله " ما بعوضة فما فوقها" قال: والفاء نائبة عن إلى، وكون الفاء للغاية بمنزلة إلى، غريب " (141) . والبيت مجهول القائل.
أيام يَنْسون ما عواقبُها
(45) لم أرَ مثلَ الفِتْيان في غِيَر ال
الشاهد: ما عواقبها، أي: ما هو عواقبها.
استشهد الشاعر بهذا البيت في تفسير قوله تعالى " مثلا ًما بعوضة " وذلك على قراءة رؤبة بن العجاج للآية الكريمة، إذ قرأ " بعوضة " بالرفع وأضمر لها اسماً، يعني: الذي هو بعوضة.
وذكر الفراء أن الرفع في " بعوضة " جائز لأن الصلة ترفع واسمها منصوب ومخفوض. (142)
فَواسِقاً عن قَصْدِهَا جَوائرا
(46) يَهْوين في نَجْدٍ وغَوْراً غائرا