وكان أول عمل للمهدية هو إلغاء الطرق كلها بعد أن أنكر شيوخها دعوته فضلاً عن أن هذه الطرق كانت تقاسم محمد أحمد الولاء والسلطة ( [58] ) ومحمد أحمد كان في الأصل تابعاً للطريقة السمانية، وكان يقول أن أتباع المهدي هم أتباع الني صلي الله عليه وسلم وخلاصة القول، أن تنظيم الحياة الدينية في السودان ظاهرة واضحة لا تزال تحتفظ بأهميتها حتى الوقت الحاضر، وكما رأينا فإن كثيراً من الطرق يرجع لأزمنة حديثة نسبياً وبعضها سبق الفتح المصري بقليل إن لم يكن دخل البلاد مع الفتح وعاصر الحكم المصري. ولا ينفرد السودان وحده بهذه الظاهرة التي تميز بها التاريخ الإسلامي في العصور الحديثة، حيث عمت الطرق الدينية وتعلق بها العامة بل وامتدت إلي بعض الخاصة أيضاً.

وإلى جانب هذه النزعة، هناك وجه آخر للحياة الدينية وهي ناحية الفقهاء ( [59] ) .

الفونج وصلاتهم بالجزيرة العربية:-

كان طبيعياً أن يصاحب قيام دولة إسلامية فى السودان ( [60] ) محاولات من القائمين على الحكم فيها لتوثيق علاقاتهم بالدول الإسلامية وخاصة فى النواحي الثقافية والدينية، لتبدأ حركة علمية تقوم بشرح تفاصيل الدعوة الإسلامية ومبادئها للناس لنهيهم عما يتعارض من عاداتهم ومعتقداتهم مع الإسلام والعقيدة الصحيحة.

وتتفق المراجع التاريخية ( [61] ) على أن الحركة العلمية والثقافية التي صاحبت قيام دولة الفونج كان مصدرها مصر والحجاز، وسوف نقصر حديثنا عن الحجاز فقط كمصدر لهذه الثقافة الدينية وذلك حسب مقتضى البحث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015