وفي رأي البعض أن السوداني فيما يبدو ميال إلي الاعتزاز بالانتساب إلي مجموعة معينة: إلي قبيلة أو حزب أو جمعية أو طريقة أو نقابة، أو لعل في نفسه إحساساً داخلياً يدفعه إلي الانتظام في سلك العبادة المنتظمة، وهو إحساس وليد أجيال أو قرون ( [44] ) .

مهما يكن من أمر فان نظام الطريقة كنظام القبيلة أو ككل نظام اجتماعي له تطوراته الخاصة، فالطريقة قد تتفرغ عنها طريقة أخري والاختلافات بصفة عامة ضئيلة بين الأصل والفرع ومما يستوقف النظر الزيادة الواضحة في عدد شيوخ الطرق الذين هم من أصل مغربي.

أما عن نشأة هذه الطرق فيرى البعض أن الإسلام في السودان في عهد سلطنة الفونج لم يتأثر بمصر بقدر تأثره بالحجاز وذلك بسبب قرب المسافة بين السودان والأراضي المقدسة. وكان من نتيجة ذلك أن كثيراً من السودانيين درس في مكة والمدينة.

ومن ناحية أخري قدم كثير من رجال الدين إلي سلطنة الفونج من مكة، وهذا الاتصال أدي إلي ظهور الطرق الدينية في القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي) ولم تكن هذه الطرق علي درجة من التنظيم كالتي نعرفها اليوم بل بدأت بأفراد من الصالحين قدموا إلي السودان، وأسسوا لأنفسهم (زوايا) أو خلوة ( [45] ) .

وقد ازدهرت هذه الطرق في ظل سلطنة الفونج إزهاراً كبيراً، ودليلنا علي ذلك هذه المجموعة الغنية من السير التي وردت في (طبقات محمد النور ود. ضيف الله) ، وهي تدل دلالة واضحة علي مدي قوة الأثر الذي خلفته تعاليمهم في البلاد ( [46] ) ، إذ وجدوا تربه خصبة بين السكان، ولم يلبث خلفاؤهم – وقد أصبحوا سودانيين - أن نالوا مكانة مرموقة لدي سلاطين الفونج في المسائل الدينية والسياسية علي السواء بل وبدأ الناس يلتمسون وساطتهم عن طريق صلتهم بالحكام، وازداد تعلقهم بهم ( [47] ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015