أما حامل العلم فمنزلته في الإسلام رفيعة والنصوص التي جاءت تبين ذلك كثيرة جداً ويكفينا أن نثبت هنا قليلاً منها؛ أولها أن الله رفعهم بقوله (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط) ، ويقول سبحانه:
(يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) (46) ، ويقول (العلماء ورثة الأنبياء) ومعلوم أنه لا رتبة فوق رتبة النبوة ولا شرف فوق شرف الوراثة لتلك الرتبة.
والآثار أيضاً في فضله كثيرة أكثر من أن نستقصيها هنا لعل من أبرزها قول عبد الله بن المبارك رحمه الله عندما سئل (فقيل له: من الناس؟ قال: العلماء. قيل: فمن الملوك؟ قال: الزهاد. قيل: فمن السفلة؟ قال: الذين يأكلون الدنيا بالدين) . قال الغزالي (حجة الإسلام) تعليقاً على هذا القول من ابن المبارك، قال: (فلم يجعل (يعني ابن المبارك) غير العالم من الناس، لأن الخاصية التي يتميز بها الناس عن سائر البهائم هو العلم. فالإنسان بما هو شريف لأجله؛ فليس ذلك بقوة شخصيته فالجمل أقوى منه، ولا بعظم خلقته فالفيل أعظم منه، ولا بشجاعته فالسباع أشجع منه، ولا بأكله فالثور أوسع بطناً منه، ولا ليجامع فإن أخس العصافير أقوى على السفاد منه، بل لم يخلق إلا للعلم) (47)
ومن كل ما تقدم وغيره كثير، يتبين لنا مدى أهمية هذا السلاح للقدوة في أي موقع كان من مواقع الحياة قائداً أو غير قائد.
ولكن القائد حاجته لهذا السلاح كبيرة لأنه محتسب للخير والعمل به بين أفراده يأمرهم بكل معروف وينهاهم عن كل منكر حتى يوفي بمسئوليته التي استرعاه الله إياها (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته …) (48) .
القائد محتسب مكلف: