ذلك أن القدوة نموذج إنساني يعيش ممثلاً ومطبقاً لذلك المنهج الرباني الذي جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وهذا النموذج يعيش واقعاً عملياً يحقق تطبيق ذلك المنهج من خلال السلوك والتصرفات التي تُرى بالعين فتترك أثراً عميقاً في نفوس الناس الذين يعيشون من حوله مما يجعلهم يأخذون ويقبلون ما يقوله أو يفعله دون تردد أو ريبة لأن ما يمثله هو الإسلام الذي صاغ نفسه على وفق ما دعى إليه الإسلام فجعل منه نموذجاً قرآنياً يدب على الأرض ولنستعيد هنا أيضاً ما قالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سئلت عن خلق رسول الله قالت: (كان خلقه القرآن) فكأنها بوصفها هذا جعلت من الرسول القدوة صلى الله عليه وسلم قرآناً متحركاً يراه الناس ويلمسونه من خلال تمثله في سلوكه وكل تصرفاته لدقة وقوة تمسكه وتطبيقه لما جاء في القرآن الكريم.

وعلى هذا يكون القائد الداعية، مثلاً حياً لكل المبادئ التي يعتنقها، مثلاً ترنوا إليه أعين مرؤسيه وتنجذب إليه نفوسهم حتى يستمدوا من الفضائل التي يفترض أن يحملها فينير لهم طريق الخير.

ألا وإن مما يمكن أن نبين به أهمية القدوة هو ذلك المثال العظيم والأثر الكبير الذي مثلته القدوة في نشر الإسلام في كثير من أصقاع الدنيا بواسطة تلك النماذج المتحركة التي دعت إلى الإسلام بأفعالها قبل أقوالها، فاستقطبت تلك النماذج ملايين البشر دخلوا في دين الله دونما فتح ولا جهاد تلك النماذج تمثلت في أعداد ليست بالكثيرة من التجار المسلمين والزوار الذين أدخلوا بسيرتهم وتمسكهم بتعاليم دينهم كل هذه الأعداد إلى الإسلام.

والقائد وهو يتحسس هذه الأهمية للقدوة سيسعى وبكل ما أوتي إلى أن يجعل من نفسه قدوة صالحة يستميل بها مرؤسيه نحوه لإنجاز ما يناط به وبهم من مهام وأعمال على الوجه الذي يرضي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015