لذلك يختار الشاعر الأسلوب الذي يناسبه ويتفق مع رؤيته الحياتية الخاصة، كي يتمكن من استيعاب أفكاره ومعتقداته وفلسفته، وهذا ما حرص عليه الشابي في شعره، فكان يسعى إلى أن يجعل من هذا الأسلوب التكراري على اختلاف أشكاله وألوانه، أداة قادرة على التعبير عما في ذهنه وتصوير مشاعره واحساسيه وآلامه وهمومه التي أصابته في حياته الاجتماعية.
كما تبين أن التكرار عند الشابي كان يخضع لرؤية الشاعر النفسية التي كانت تلح على بعض المرتكزات الحياتية لتغييرها أو استبدالها لهذا نراه كان يستسلم لتداعيات بعض صور التكرار بشكل لافت للنظر في مختلف أشكال التكرار وخاصة تكرار البداية، فيجعل من هذه البداية نقطة مركزية تجتمع فيها صور التكرار الأخرى، أو أن يجعل موضوع القصيدة عنواناً لتكرار البداية ويبني عليه إيقاعات موسيقية متنوعة يعتقد فيها قوة التأثير والفاعلية على المتلقي.
ومما يلاحظ أيضاً أن التكرار جاء عند الشابي بشكل أفقي أو رأسي أخضعها لإيقاعات وإيحاءات موسيقية تعكس ملامح رؤيته النفسية والفلسفية التي تكشف عن موقفه الحقيقي من الحياة والكون والطبيعة من خلال سياقات وبناءات أسلوبية متنوعة على مستوى الكلمة أو الجملة.
لقد حاول الشابي أن يجعل من صور التكرار أداة جمالية تخدم الموضوع الشعري وتؤدي وظيفة أسلوبية تكشف عن الإلحاح أو التأكيد الذي يسعى إليه الشاعر، ولكن التكرار عنده قد تأثر ببعض جوانب حياة الشاعر الخاصة، فغلب عليه التداعي والتماثل في معظم صوره لذلك ما كان التكرار ليكون عند الشابي لولا حاجته الملحة للكشف عما يدور في ذهنه وإبراز أفكاره التي قد أصبحت هي الأخرى صورة من صور التكرار، فالمعاناة والألم تبدو واضحة في كل أنفاسه الشعرية وكأنه بذلك يكرر هذه المعاناة في كل نمط تكراري على اختلاف أشكاله.
الحواشي والتعليقات