ومن الصور تكرار الحرف ما نراه في قصيدته (الصباح الجديد) مايسمى بالقافلة أو القرار وهي تلك المقطوعة الثلاثية التي تتكرر في عدة مرات ولم يكن هذا التكرار نتيجة ترتيب وافتعال بل مجاراة لضرورة نفسية وهي الإيحاء بالصبر والتجلد داعياً شجونه وجراحه إلى السكون، لإحساسه بأن فجر الصباح قريب، ثم يعمل على الربط بين هذه الوحدات الشعرية بقافية مكررة، فآخر بيت في المقطوعة الرباعية الثانية تقفية اللفظة الأخيرة من الرباعية التالية كما هو في لفظتي (الزمان والحنان) وكذلك الأمر في الرباعيتين الثالثة والرابعة حيث نجد وحدة القافية في البيتين الأخيرين في لفظي (الشموع، ربيع) فضلاً عن البناء الموسيقي الرائع في هذه القصيدة التي تتكون من القرار الثلاثي الذي تردد في القصيدة ثلاث مرات ثم من ست رباعيات، تفصل كل اثنتين فيها بين القرار الثلاثي المتكرر، وقد اهتدى بفطرته السليمة إلى ضرورة توحيد القافية في القرار الثلاثي وفي الأبيات الثلاثة الأولى من كل رباعية، وذلك لأن هذا التوحيد يشبع نفسه ويرضي إحساسه ويوحي بقوة الحاح تلك الأحاسيس التي يتابع موجها في روحه المعذبة بين الشك واليقين وبين الحياة والموت" (1) وما هذا التنويع التقليدي في بناء القصيدة – الذي سار فيه على مناهج الأقدميين إلا محاولة من الشاعر لإثبات نزعة التجديد في شعره وليتمكن من تنفيس همومه وآلامه التي صبغت حياته بالسوداوية (2) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015