تقدَّم في الفصل الأول أنَّ الزياديَّ بصريٌّ، تلمذ على شيوخ البصرة، ولكنَّه لم يكن مقلِّداً، ولا متعصِّباً، والدلَّيل على ذلك ما يلي:

1 التَّفُّرد بآراء لم يسبق إليها:

ذهب إلى أنَّ الفاء دخلت على (إذا) الفجائية على حدِّ دخولها في جواب الشرط، وهذا رأيٌ لم يسبق إليه.

وذهب إلى جواز المجازاة بعد ظروف الزمان المضافة، و (ما) التَّميمة، و (إنَّ) ، وهذا قولٌ آخر هو أبو عذرته.

واستدل على أنَّ (مه) ليس منقوصاً من (مهلاً) بأنْ ليس ثمة اسم منصرفٌ وهو تامٌّ، وممنوعٌ من الصرف وهو ناقص.

وهذا لم يُسْتَدلَّ به قبلَه، فهو إذن مجتهدٌ غيرُ مقلِّد.

2 مخالفة شيخه الأصمعي في (الجَهْرم) ، فهو يراه مفردَ نوع من البسط، وجمعه: (جهارم) ، والأصمعي يراه اسمَ بلد.

3 مخالفة بعض آراء سيبويه:

قال أبو سعيد السِّيرافي عن الزيادي: "وله نكتٌ في كتاب سيبويه في مواضع، وخلافٌ له في مواضع، قد ذكرناها في شرحه" (1) .

من هذا الخلاف: منعهُ تعِّدي: فعيل، وفَعِل، ومذهبُ سيبويه الجواز، ومنه منعُه الوصفَ بكِرْكرة وثَفِنات، ومذهب سيبويه جواز وقوعهما صفة موطِّئة.

ومنه إجازته استعمال (فعيل) و (فعول) لغير المفرد باطِّراد، وسيبويه يُفهم من كلامه قصرُه على السماع.

ومنه ذهابه إلى أنّ وزن (أشياء) : أفعاء، ومذهب سيبويه: لفعاء.

ومنه إجازته العطفَ على الضمير المجرور المؤكد، ومذهب سيبويه المنع.

4 موافقة الكوفيين في بعض آرائهم:

وافق الكوفيين في إعراب المثّنى والمجموع على حدِّه، فذهب إلى أنَّ حروف اللِّين علاماتُ إعراب.

كما وافق الفراء في أنَّ وزن (أشياء) : أفعاء.

من أجل ذلك كلِّه وُصفَ مذهبُه بالاستقلالِ وعدمِ التَّعصُّبِ.

ثانياً: مما يلُحظ في آرائه أنَّ في بعضها تضييقاً، وفي بعضها توسُّعاً، وفي بعضها توسُّطاً.

فمن القسم الأول: منعُ تعدِّي: فعيلٍ، وفَعِلٍ، ومنعُ عَطْفِ الجملةِ التي لا محلَّ لها على الجملة التي لها محلٌّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015