اختلف علماء العربية في قوله: (وَجَهْرَمُه) على النحو الآتي:

1 ذهب الأصمعيُّ وأبو عمرو الشَّيباني إلى أنَّ رؤبةَ قد غَلِطَ؛ لأنَّ (جَهْرَم) اسمُ بلد بفارس، فظنَّه ثياباً (1) .

2 وذهب الزِّياديُّ وأبو حاتم إلى أنَّ (الجَهْرَمَ) مفردٌ، وهو البساط من الشَّعَر، وجمعه: جَهارم (2) .

3 وأجاز الفارسيُّ فيه وجهين:

الأول: أنْ يكون (جَهْرَم) اسمَ جنسٍ جمعيٍّ، ومفرده: جَهْرَميّ (3) ، وهو البساط المنسوب إلى (جَهْرَم) من بلاد فارس، كما قالوا: سِنْد وسنديّ، وهند وهنْديّ.

وقد يُحمل على هذا قول اللَّيث: "جعله اسماً بإخراج ياء النِّسبة" (4) .

والثاني: أنْ يكون على حذف مضاف، والتَّقدير: وبُسط جَهْرَمِه (5) ، "كأنَّ (جَهْرَم) اسم البلد أضيف إلى ضمير (بلد) " (6) .

4 وذهب عليُّ بن حمزة البصري إلى أنَّ الأصل (جهرميّه) ، فحذف ياءي النسب (7) .

وأرجح هذه الأقوال قولُ الزيادي وأبي حاتم، والوجه الأول مما ذكره الفارسي؛ لأنهما لا دَخَل فيهما.

ويمكن الجمع بينهما، فيكون (جَهْرم) اسمَ جنس جمعيّ، و (جهارم) جمعه، إذا تعدَّدت أنواعه، كما قالوا: تَمْر وتُمور (8) .

فأما ما ذهب إليه الأصمعيُّ وأبو عمرو الشَّيباني فمركبٌ صعبٌ؛ لأنَّ تخطئة العربي لا يُصار إليها إذا كان ثمة وجهٌ يُحمل عليه كلامُه.

وأما ما ذهب إليه عليُّ بن حمزة فيضعِّفه أنّ حذف ياءي النَّسب من ضرورة الشِّعر (9) .

وأما الوجه الثاني مما ذكره الفارسيُّ؛ فهو وجهٌ، ولكنَّ عدم الحذف أولى.

الفصل الرابع: ملامح مذهبه النَّحويّ

إنَّ ما بقي من آراء أبي إسحاق الزِّياديِّ النحوية والتَّصريفية لا يصوِّر منهجه النَّحويَّ تصويراً كاملاً، ولكنَّه يضيءُ بعضَ الضوء على ملامحه.

ويلحظ في تلك الآراء ما يأتي:

أولاً: الاستقلالُ وعدمُ التَّعصب:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015