وعلى هذا فإنْ تأخَّر التصريف في المؤلفات فهو مقدّم على النحو في المعرفة، وليس تأخره تقليلاً من أهميته؛ فقد يتأخر الشيء وهو أهمُّ من غيره المتقدم، وإنما ينظر إلى جانب آخر وهو قضية التعلم.

3- بعض المؤلفات في الصرف من قبيل الترف العلمي؛ إذ إنّ غيرها يغني عنها، ولم يضف جديدًا في المادة العلمية، أو الترتيب، وقد يكون الجديد فيها الأسلوب الذي صيغت به، ولعلّ حرص بعض العلماء على أن يناسب تفكير العصر العلمي هو الذي يدفعه إلى أن يقدّم كتابًا مؤلفًا بأسلوب ذلك العصر، وعلى هذا فمراعاة العصر في التأليف كانت ظاهرة في المؤلفات الصرفية، وهذا يدعم موقف من يرى أن التأليف بأُسلوب عصري قد يكون هو الجديد، وهو مسوّغٌ يكفي لتأليف كتاب جديد عندهم.

4- الترتيب الواضح هو الذي يجمع المتشابهات، ويضمّ المتفرقات في أبواب متناسقة، ويبدأ بالأبواب اليتيمة، أي التي يحتاجها غيرها ولا يلزم في معرفتها معرفة غيرها، وهذا الترتيب يساعد على الفهم الجيد. يقول ابن عصفور وهو يتحدث عن علم التصريف:» وذلّلته للفهم بحسن الترتيب، وكثرة التهذيب لألفاظه والتقريب حتى صار معناه إلى القلب أسرع من لفظه إلى السمع « (1) .

5- الترتيب الصرفي أخذ عدة طرائق لعرض المادة العلمية، تتلخص في ست طرائق:

1- طريقة ابن السراج، وهو رائد في الترتيب الصرفي، وقد ألف كتابه» الأصول «ليصل بالمادة النحوية والصرفية إلى ترتيب بديع.

2- طريقة الزَّمَخْشَرِيّ، وذلك بعرض المباحث التي تخصّ الأسماء ثم الأفعال، ثم المشتركة بينهما، غير أن ذلك يتم بالتداخل مع المباحث النحوية.

3- طريقة ابن الحاجب، وذلك بالنظر إلى أحوال الأبنية، وهو أسلوبٌ جديد في عرض المادة العلمية اهتم العلماء به بعد ذلك.

4- طريقة السيوطيّ، وذلك بتقسيم الأبواب إلى أربعة بالنظر إلى ذات الأبنية وأحوالها، وأحوال أواخرها ثم التصريف، وإن أشار إليه بشيء يسير في مقدمته أبو عليّ الفارسيّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015