والصيمريّ ذكر الوقف، ثم التقاء الساكنين، والوقف أقل تغييرًا من التقاء الساكنين، ولهذا يمكن أن نقول: إن الصيمريّ بدأ بالظواهر الخفيفة فالأقوى، وهو عكس نهج ابن السراج؛ ويستثنى من هذه الظواهر الهمز والتضعيف؛ لأنهما مختصّان، فالهمز بحرف الهمزة، والتضعيف مختصٌ بالأفعال.
أما القسم الثالث وهو الأبنية، فابن السراج بدأ بذكر أبنية المصادر في باب أسماه» هذا باب المصادر وأسماء الفاعلين « (1) وقد قدّم لهذا الباب بقوله:» المصادر الأصول والأفعال مشتقة منها، وكذلك أسماء الفاعلين، وقد تكون أسماءً في معاني المصادر، لم يشتقّ منها فعلٌ، ولكن لا يجوز أن يكون فعلٌ لم يتقدمه مصدرٌ فإذا نطق بالفعل فقد وجب المصدر الذي أُخذ منه.... ونحن نذكر أربعة أشياء: المصدر، والصفة، والفعل، وما اشتقّ منه « (2) . فبيّن أنه سيذكر أبنية المصادر والفعل والصفة، والمشتقات، وبدأ ببيان أقسام الفعل؛ لأن المصادر تبعٌ لأقسام الفعل.
واعتمد في بيان بعض المصادر الثلاثية على المعاني المتقاربة في الفعل والصفة والمصدر فجعلها ثلاثة أقسام: المتفقة في المصدر، والمتفقة في الصفة، والمتفقة في الفعل (3) ، وهو ترتيب يستحق الثناء؛ لأنه يُسهّل دراسة المصادر الثلاثية، كما أنه يجمع في نسقٍ واضح المصادر الثلاثية.
ثم ذكر الأفعال التي فيها زوائد من بنات الثلاثة ومصادرها ومعانيها.
وانتقل بعد عدة أبواب في أبنية الأفعال إلى الإمالة (4) ، وذكرنا العلاقة في ذلك، ثم تحدث عن أبنية الأسماء (5) ، وقسمها قسمين: مجردة ومزيدة، وبَيَّن أبنية كل قسم، وذكر في آخر هذه الأقسام الزوائد التي تلحق هذه الأسماء ومواضعها.
وهذا الترتيب الذي انتهجه ابن السراج في الأبنية ترتيب بديع، ولهذا فلا غرابة أن نجد هذا الترتيب هو السائد في كثير من المصنفات الصرفية بعد ابن السراج، ولهذا كان ابن السراج في ترتيب الأبنية رائدًا لم يُسبق إلى هذا الترتيب والتنظيم.