فأولها: متى قيام الساعة، فعلم ذلك عند الله تعالى كما دلت على ذلك نصوص كثيرة من الكتاب والسنة. فمنها قول الله تعالى: (يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ((1) ، ومنها قوله: (يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا ((2) . وقال رسول الله (لجبريل (حينما سأله عن الساعة: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل " (3) .أي إن الرسول (لا يعلم ميعادها كما لا يعلم سائله جبريل (متى هي.
وثاني تلك الحوادث التي تضمنتها الآية، موعد نزول الغيث، فعلمه كذلك عند الله تعالى، فكما أنه تعالى هو الذي ينزل الغيث فهو الذي يعلم موعد نزوله.
وثالثها علم ما في الأرحام، ولا يعلم ما في الأرحام غير الله عز وجل، وهو الذي يعلم وحده ما حوته الأرحام علما جليا محيطا عميقا، وعلم ما في الأرحام ليس مقتصرا على معرفة نوع الجنين من ذكر وأنثى، وإنما هو أوسع من ذلك وأعمق بكثير. فمعرفة نوع الجنين في مراحل حياته المتأخرة بعد تكامل أعضائه مما أمكن العلم به في هذا العصر باستخدام الآلات الحديثة، وما دام الأمر كذلك فإن المراد بعلم ما في الأرحام الذي يختص به الله ليس هذا الجانب قطعا، وإنما يشمل علمه عز وجل علم ما في الأرحام منذ اللحظة الأولى التي وقعت فيها النطفة في الرحم، أذكر أم أنثى، أسقط أو مولود، أشقي أم سعيد، أعالم أم جاهل، أخامل أم عامل، أرئيس أم مرؤس، أغني أم فقير، أعزيز أم ذليل، أعقيم أم يولد له، ويعلم علما دقيقا ماذا سيكون لهذه النطفة من الذراري وما تتصف به من صفات عدها في علمه وأحصاها تبارك وتعالى إلى آخر مولود من الخلائق وهو علام الغيوب سبحانه وتقدست أسماؤه وصفاته.