وهو الغيب الخاص بذات الله وأسماءه وصفاته. وهذا النوع هو قمة الغيب وأعظمه وأبعده عن علم الخلق. ولم يكن هذا النوع قسيم غيب العالم بقسميه المطلق والنسبي، لأن الله تعالى ليس من العالم، بل هو رب العالمين تبارك وتعالى.

إن ذات ربنا وصفاته غيب استأثر الله تعالى بعلمه، ولا يعلم كيف هو إلا هو، ولا يعلم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى غيره تعالى. فعباده تعالى لا يعلمون من ذلك إلا ما علمهم عن طريق الوحي إلى رسله وأنبيائه. وما علمهم الله تعالى من ذلك قليل من كثير استأثر الله تعالى به في علم الغيب. وإلى ذلك أشار النبي (في قوله: " أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك… " (1) .

ولهذا لا يجوز تجاوز ما جاء في نصوص الوحي في أسماء الله تعالى وصفاته، لأنها قمة الغيب وذروته التي لا يحيد عنها إلا هالك، ومن حاد عنها وأرخى الزمام لعقله القاصر وقال في صفات الله تعالى برأيه نفيا وإثباتا فقد ضل ضلالا مبينا. وهذا النوع هو الذي كان باعثا لتأليف هذه المباحث لعلي أبين حدود العقل البشري وموقفه من هذه الحمى الذي اقتحمه طائفة من البشر بلا هدى ولا كتاب منير، فزاغوا عن الحق وأزاغوا.

النوع الثاني: غيب العالم، وهو قسمان:

القسم الأول: الغيب المطلق (2) :

وهو المتعلق بعالم الغيب. وعالم الغيب هو المخلوق على وضع لا يصل الإنسان إلى العلم به بحواسه التي يتوصل بها إلى العلم بعالم الشهادة، أو هو كل ما خلقه الله تعالى غير قابل لوصول الحواس إليه، وذلك كالملائكة والجن والشياطين فمتى أذن الله تعالى لمن شاء من عباده بذلك حصل ما أذن له به، في وقت أذن به، بقدر ما أذن به على هيئة أذن بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015