أمّا الوجوه الأولى فهي مع كونها حرام لاتجوز، إلا أن بعضها أخف إثماً من بعض، إذ الوجوه التي لا تختلف فيها مرتبة الحديث أخف إثماً من الوجوه التي تختلف فيها مرتبة الحديث!
الصورة الثالثة: أن يقلب لفظ الحديث وله وجوه:
أن يُعطي ما اشتهر لأحد المذكورين في الحديث ما جاء للآخر.
أن يكون الحديث مفيداً لحكم فيصرفه ويحوله عن وجهه.
والوجه الثاني هنا أعظم جرماً من الأول.
الصورة الرابعة: أن يبدل راوٍ في السند اشتهر الحديث بروايته، براوٍ آخر في طبقته، وله وجوه:
أن يُبدل راوٍ ثقة بآخر ثقة.
أن يُبدل راوٍ ثقة بضعيف.
أن يُبدل راوٍ ضعيف بثقة.
أن يُبدل راوٍ ضعيف بضعيف.
أن يُبدل راوٍ ثقة بآخر يختلقه.
أن يُبدل راوٍ ضعيف بآخر يختلقه.
وهنا تتفاوت درجة الاثم وغلظته بحسب أثر هذا الإبدال في درجة الحديث!
الصورة الخامسة: أن يقع القلب في السماع، أو أن يسرق السماعات ويدّعي سماع مالم يسمعه من الكتب والأجزاء.
فهذا كذب، ولكنه ليس كالكذب في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال الذهبي (ت748هـ) رحمه الله في كلامه عن المقلوب: "فمن فعل ذلك خطأ فقريب!
ومن تعمّد ذلك وركب متناً على إسناد ليس له فهو سارق الحديث، وهو الذي يقال في حقه: فلان يسرق الحديث. ومن ذلك أن يسرق حديثاً ما سمعه فيدعي سماعه من رجل.
وإن سرق فأتى بإسناد ضعيف لمتن لم يثبت سنده فهو أخف جرماً ممن سرق حديثاً لم يصح متنه وركب له إسناداً صحيحاً؛ فإن هذا نوع من الوضع والافتراء، فإن كان ذلك في متون الحلال والحرام؛ فهو أعظم اثماً، وقد تبوأ بيتاً في جهنم!
وأمّا سرقة السماع وادعاء ما لم يسمع من الكتب والأجزاء فهذا كذب مجرّد ليس من الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم، بل من الكذب على الشيوخ ولن يُفلح من تعاناه وقلّ من ستر الله عليه منهم. فمنهم من يفتضح في حياته. ومنهم من يفتضح بعد وفاته. فنسأل الله الستر والعفو"اهـ (1) .