قال خلف بن سالم: حدثني يحي بن سعيد، قال: قدمت الكوفة وبها ابن عجلان وبها من يطلب الحديث: مليح بن وكيع، وحفص بن غياث، وعبد الله ابن إدريس، ويوسف بن خالد السمتي، فقلنا: نأتي ابن عجلان.
فقال يوسف بن خالد: نقلب على هذا الشيخ حديثه، ننظر تفهمه. قال: فقلبوا فجعلوا ماكان عن سعيد عن أبيه، وما كان عن ابيه عن سعيد، ثم جئنا إليه، لكن ابن إدريس تورّع وجلس بالباب وقال: لا استحل، وجلست معه ... القصة (1) .
وجمهور أهل الحديث على جواز القلب لامتحان ضبط الراوي؛ فإن أطاعه على القلب وقبل التلقين به عرف أنه غير حافظ، وإن خالفه عرف أنه ضابط، وهذه المصلحة أكثر من المفسدة فيه، وشرطه أن لا يستمر عليه بل ينتهي بانتهاء الحاجة.
قال الحافظ العراقي (ت804 هـ) رحمه الله في حديثه عن قلب الحديث: "وقد يُفعل اختباراً لحفظ المحدِث وهذا يفعله أهل الحديث كثيراً، وفي جوازه نظر، إلا أنه إذا فعله أهل الحديث لا يستقر حديثاً وإنما يُقصد اختبار حفظ المحدث بذلك أو اختباره هل يقبل التلقين أوْ لا"اهـ (2) .
وقال ابن حجر (ت852هـ) رحمه الله: "وشرطه أن لا يستمر عليه بل ينتهي بانتهاء الحاجة"اهـ (3) .
وممن نقل عنه أنه فعل ذلك:
شعبة بن الحجاج (ت160هـ) رحمه الله، وتقدّم النص في ذلك في قصة حرمي!
عن بهز بن أسد العمي (مات بعد المائتين وقيل قبلها) وسأله حرمي بن عمارة (ت201هـ) عن أبان بن أبي عياش؟ فذكر له عن شعبة (ت160هـ) رحمه الله أنه قال: كتبت حديث أنس عن الحسن، وحديث الحسن عن أنس، فدفعتها إلى أبان بن أبي عياش فقرأها عليّ! ... (4) .
وممن فعل ذلك: حماد بن سلمة (ت167هـ) رحمه الله.
عن حماد بن سلمة (ت167هـ) رحمه الله، قال: "قلبت أحاديث على ثابت فلم تنقلب، وقلبت على أبان بن أبي عياش فانقلبت" (5) .