فالرضا بالقضاء من أسباب السعادة، والسخط على القضاء من أسباب الشقاوة.

والسخط يوجب اضطراب قلب العبد وريبته وانزعاجه وعدم قراره، كما أنه يوجب تلون العبد وعدم ثباته مع الله، فإنه لايرضى إلاَّ بما يلائم طبعه ونفسه، والمقادير تجري دائماً بما يلائمه، وبما لايلائمه، وكلما جرى عليه منها ما لايلائمه أسخطه، فلاتتحقق عبوديته لله - تعالى -.

فإذا ابتلى الله - سبحانه وتعالى - عبده في رزقه، أو غير ذلك من أمور حياته، فإنَّما ذلك امتحان له أيرضى أم يسخط، يدل على ذلك آيات منها: {فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ، وَأَمَّآ إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} (1) .

لأن الإكرام والإهانة لايدوران على المال وسعة الرزق، ونحو ذلك، فقد يوسع على الكافر لا لإكرامه، ويقتر على المؤمن لا لإهانته، لكن لحكمة هو يعلمها - سبحانه -، وقد يكون إكراماً له ومنعاً من شر الغنى كما تقدم.

4 - الحزن على مافات:

قال الله - تعالى -: {لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَآءَاتَاكُمْ} (2) ، فهذه دعوة للعباد إلى ترك الحزن على الدنيا، بل نهى الله عنه، وإن تعلق بالدين، كقوله - تعالى -: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ} (3) ؛ لأنه لايجلب منفعة، ولايدفع مضرة، فلا فائدة فيه (4) .

أمَّا الحزن على موت قريب، أو فوات عبادة، أو نحو ذلك مِمَّا ليس فيه طمع أو سخط أو اعتراض على المقدر، فهو رحمة من الله، وهو حزن القلب، وحزن القلب لايؤاخذ به العبد إذا لم يصحبه اعتراض على قدر الله - تعالى -، فالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - حزنوا، ولم يكن ذلك دليلاً على عدم يقينهم بالله، ورضاهم بقضائه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015