ومن لم يفوض أمره إلى الله، ويعمل الأسباب متوكلاً على الله فليس براض عن الله، أو عن قضاء الله وقدره، وفي الأثر: {من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله ... ، ومن سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده} (1) .

3 - السخط:

والسخط ضد الرضا، وفيه شقاوة الساخط، كما في الحديث الذي مرّ {ومن شقاوة العبد تركه الاستخارة، وسخطه بما قسم الله له} .

وقد جعل الله فيه الهم والغم والحزن، وشتات القلب، وكف البال، وسوء الحال، والظن بالله خلاف ما هو أهله، وقلة اليقين، كما في حديث أبي سعيد الخدري السابق، قال: قال رسول الله - (-: {إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله ... } .

وأمَّا الرضا فيفرغ القلب، ويقلل همه وغمه، فيتفرغ لعبادة الله بقلب خفيف من أثقال الدنيا، وهمومها، وغمومها (2) .

والسخط من سوء الخلق (3) ؛ لأن الساخط مخاصم لله - تعالى - فيما لم يرض به، من أمره ونهيه، أو قضائه ورزقه، وما يصيبه من نوائب ومصائب.

وهذه المخاصمة هي أصل منهج إبليس مع ربه، فقد كان منهجه: عدم الرضا بأقضيته وأحكامه الدينية والكونية القدرية، فلو رضي لم يمسخ من الحقيقة الملكية إلى الحقيقة الشيطانية الإبليسية (4) .

والسخط يفتح باب الشك في الله، وقضائه وقدره، وحكمته وعلمه، فقل أن يسلم الساخط من شك يداخل قلبه، ويتغلغل فيه، وإن كان لايشعر به، لكن لو فتش نفسه غاية التفتيش، واختبرها، لوجد إيمانه معلولاً، وتصديقه مدخولاً ورضاه منقوضاً، فإن الرضا واليقين صاحبان لايكادان يفترقان، كما أن السخط والشك قرينان؛ أحدهما قرين الآخر (5) .

وهذا ما دل عليه الحديث السابق إن استطعت أن تعمل بالرضا مع اليقين فافعل.

وكذلك حديث {من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله} (6) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015