صحيح أن مداراة الناس، وخفض الجناح لهم، ولين الكلمة، وترك الإغلاظ لهم في القول، من أقوى أسباب الألفة، وقبول الحق، وهي مندوبة، كما في النصوص الشرعية الموضحة لذلك، مثل:

1 - قوله - تعالى - في خطاب الرسول - (-: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} (1) .

2 - وقوله - سبحانه -: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (2) .

3 - وقوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (3) .

فالرفق بالجاهل في التعليم، وبالفاسق في النهي عن فعله، وترك الإغلاظ عليه حيث لايظهر ما هو فيه، والإنكار عليه بلطف القول والفعل، ولاسيما إذا احتيج إلى تألفه ونحو ذلك أمر مطلوب مستحب.

أمَّا الرضا بوقوع المعصية من العبد، والسكوت على ذلك، وتأييده ولو بغير تصريح، فإن هذا من الرضا بمعصية الله، وهذا مخالف لأمر الله، وأمر رسوله - ((4) -.

قال رسول الله - (-: {إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها، وقال مرة: فأنكرها، كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها} (5) .

وهذه مسألة عظمى؛ لأن الرضا بالمعصية معصية (6) ، فقد جاء رجل إلى الشعبي فحسن عنده مقتل عثمان - رضي الله عنه - فقال الشعبي: {شركت في دمه} (7) .

فجعل الرضا بالقتل قتلاً - رضي الله عنه -.

قال الله - تعالى -: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْءَايَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} (8) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015