فيقول بحلول الإله في الصور الجميلة، ويعبدها، ومنهم من يتدين فقط بحب الصور الجميلة من النساء الأجانب والمردان، وغير ذلك، ويزعم أن هذا من الجمال الذي يحبه الله، فهو يحبه فيلبس المحبة الطبيعية له المحرمة بالمحبة الدينية الشرعية، ويجعل ما حرمه الله - تعالى - مِمَّا يقرب إليه، كما قال الله عنهم، وعن أمثالهم: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَآءَابَآءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَآءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (1) .
وبعض الناس يبرر ما هو عليه من معاصٍ بادعاء أن الإيمان في القلب، ويستدل بما ثبت في الصحيح: {إن الله لاينظر إلى صوركم وأموالكم؛ ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم} (2) .
وما أكثر من يتعبد الله بما حرمه الله عليه، ويعتقد أنه طاعة وقربة، وحاله في ذلك شرٌّ من حال مَنْ يعتقد ذلك معصية وإثْماً، ويبغض مع ذلك مخالفه في هذه المحرمات والبدع المنكرة، بل ويشتد غضبه عليه كما قيل:
نظروا بعين عداوة لو أنها ... عين الرضا لاستحسنوا ما استقبحوا (3)
وقيل:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساويا (4)
وهذا استقباح للحق، ورضى بالباطل، والبدعة، والمعصية.
وفيه شبه بالنصارى الضالين، الذين يتعبدون بما لايصدقه عقل عاقل، وينكرون على أهل الحق ما نص عليه المشرع، وتجوزه العقول (5) .
قال سفيان الثوري - رحمه الله -: {إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ لأن البدعة لايتاب منها، والمعصية يتاب منها} (6) .
وقد تتمكن المعصية من القلب فيرضى بها صاحبها، بل ويغلو في ذلك، وذلك على حساب دينه، وصحته، وعقله، فيصير مثله مثل من قال في جاريته:
أرى ماء وبي عطش شديد
ولكن لا سبيل إلى الورود
أما يكفيك أنك تملكيني
وأن الناس كلهم عبيدي
وأنك لو قطعت يدي ورجلي