لقد فتح إبليس لكثير من الناس باب الأهواء، فلايتوبون، ولايستغفرون، ولايرون إلاَّ أنهم على الحق، وهو يرضى بذلك منهم دائماً (1) {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ} (2) أي: هيأنا لهم شياطين، أو سلّطنا عليهم قرناء، يزينون لهم المعاصي، وهم من الجن ومن الإنس أيضاً، فآثروا المعاصي على أمر الله، وركنوا إلى أعمالهم في الدنيا، ونسوا الآخرة، فوجب عليهم العذاب، فكانوا من الخاسرين لأعمالهم في الدنيا، وأنفسهم وأهليهم في الآخرة (3) {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ، إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (4) .
بل إن الشيطان يحب أن يرى العبد يفعل ما يرضيه، ويفرحه، كما ورد في معنى حديث: {إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب} (5) ، فالشيطان يحب التثاؤب ويرضى به، لأنها حالة تتغير فيها صورته فيضحك منه (6) ، {والتثاؤب من الشيطان} (7) .
والمعاصي والمنكرات أمور مضرة للعاصي ولغيره، ومع ذلك يبقى بعض الناس معها ومع طبعه وذوقه، وينسلخ عن دين الله، ورُبَّما دخل في الشرك الأكبر كالقول بوحدة الوجود، أو الاتحاد والحلول المطلق، أو يقول بالحلول والاتحاد في بعض المخلوقات، كالمسيح - عليه السلام - في زعم النصارى أو علي - رضي الله عنه - في زعم الإسماعيلية النصيرية - أو غيرهما - كالدروز عبدة الحاكم بأمر الله -، أو المشايخ، أو بعضهم، أو الملوك، أو المردان - عياذاً بالله -.