والمراد به ما لايتعلق بالأمر والنهي، فهو القدر، أو المراد كوناً وقدراً، فما شاء الله قدراً من غير اشتراط محبته إياه، أو الرضا به، يدخل في الكوني، فيدخل فيه الإيمان والكفر والطاعة والمعصية، والمحبوب والمكروه، فكل ما يقع بمشيئته الشاملة لجميع الحوادث يدخل في الكوني القدري، وهذا ما يعبر عنه المسلمون بقولهم: {ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن} (1) .

ومن ذلك قول ابن تيمية - رحمه الله -:

فما شاء مولانا الإله فإنه ... يكون، وما لا لايكون بحيلة (2)

فما يكون بفعل الله قدراً، أو من فعل المخلوق بخلق الله وإرادته الكونية القدرية، فهو كوني قدري.

ولابد فيه من تحقق مراد الله - تعالى -، فما أراد الله كوناً وقع، فلا راد لهذا القضاء أبداً، قال الله - تعالى -: {إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} (3) ، فما يكون من غنى أو فقر، أو راحة أو تعب، أو عافية أو سقم، أو حياة أو موت، أو إيمان أو كفر، فهو بقضاء الله وقدره الكوني.

وعلمُ ذلك قبل وقوعه وبعد وقوعه عند الله - تعالى - ومكتوب في اللوح المحفوظ، ومقدر: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ، وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِالَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعْمَلُونَ} (4) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015