وهذا النوع الثالث الذي هو وصف الله سبحانه ونفس فعله كعلمه وكتابه وتقديره ومشيئته وإرادته، فالرضا به من تمام الرضا بالله رباً وإلهاً ومالكاً ومدبراً (1) .
ولا سبيل إلى إدراك كيفية الربوبية - الصفات - بالعقول.
فلابد في ذلك من الرضا والتسليم، والإيمان والتصديق، من غير تكييف، ولا تمثيل، ولا تحريف، ولا تعطيل، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (2) ، وكما قال الإمام مالك بن أنس - رحمه الله تعالى - وشيخه ربيعة، ومن قبلهما، ومن بعدهما من السلف الصالح - رحمهم الله -: {الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة} (3) .
فالعباد لايدركون، ولايعرفون كيفية صفاته - سبحانه وتعالى -.
ومن صفاته أيضاً: الرضا، والرضا صفة الرب - سبحانه وتعالى - على ما يليق به، كما يدل عليها قوله - تعالى -: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} (4) ، وغيرها من الآيات، والأحاديث التي أثبت فيها - سبحانه وتعالى - لنفسه هذه الصفة، وأثبتها له رسوله (، وقد أفردت هذه الصفة {صفة الرضا} في بحث مستقل سميته: {صفة الرضا بين الإثبات والتعطيل، وأثر الإيمان بها في حياة المسلم} .
فالقضاء الذي هو الحكم، أو القدر، أو المقضي، هو إمَّا ديني، أو كوني، كما سبق، وسيكون الحديث هنا عن هذين النوعين:
أولاً: القضاء الديني:
وهو الشرعي، أو ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
فما شرعه الله لعباده، وأمرهم به، ونهاهم عنه في كتابه الكريم، وعلى لسان رسوله محمد - (- هو ما قضاه الله، وأمر به شرعاً، وكذلك ما نهى عنه، في كتابه الكريم، وعلى لسان رسوله - (-.
وما أمر به - سبحانه - أو قضاه هو المذكور في حديث شعب الإيمان {فأفضلها قول: لا إله إلاَّ الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان} (5) .