فهذه الآية تضمنت الحض على التزام أمر الله، وإن شق على النفوس، وعلى الرضا بقضائه، وإن كرهته النفوس، فهو - سبحانه - كما هو العليم في اختياره من يختاره من خلقه، وإضلاله من يضله منهم: العليم الحكيم بما في أمره، وشرعه من العواقب الحميدة، والغايات العظيمة.

فبين - سبحانه - أن ما أمرهم به يعلم ما فيه من المصلحة، والمنفعة لهم، التي اقتضت أن يختاره، ويأمرهم به، وهم قد يكرهونه، إمَّا لعدم العلم، وإمَّا لنفور الطبع، فهذا علمه بما في عواقب أمره مِمَّا لايعلمونه (1) .

2 - وقوله - عزّوجل -: {مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِن قَبْلِ أَن نَبْرَأَهَآ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَآءَاتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَيُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (2) .

فما أصاب العبد من مصيبة في الأرض، من قحط، وجدب، وذهاب زرع، وغير ذلك، أو في الأنفس من الأمراض، والأوجاع، حتى خدش العود، ونكبة القدم، إلاَّ مقدر مقضي في اللوح المحفوظ، من قبل أن يخلقها الله، فلايحزن العبد على ما فاته، أو يفرح فرح مختال متكبر، ولكن لابد له من الرضا بما يصيبه من القضاء، إن خيراً، وإن غير ذلك (3) .

3 - ومنها قوله - سبحانه -: {مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ، اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (4) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015