وهذه الآية نزلت في أناس من المؤمنين، تمنوا معرفة أحب الأعمال، وأفضلها، ليعملوا بها، فلما أخبر الله نبيه بذلك قصروا في ذلك فعوتبوا (1) .
فالحاصل أن التوكل والتفويض يكون قبل وقوع المقدور، والرضا بعده، وهو الثمرة.
قال رسول الله - (- في دعاء الاستخارة: {اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم فإن كنت تعلم هذا الأمر - ثُمَّ تسميه بعينه - خيراً لي في عاجل أمري وآجله، قال: أو في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي، ويسره لي ثُمَّ بارك لي فيه، اللهم وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري، وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثُمَّ رضني به} (2) .
فهذه حاجته التي سألها متوكلاً عليه - سبحانه -، ولم يبق عليه إلاَّ الرضى بما يقضيه له، فقال: {اقدر لي الخير حيث كان، ثُمَّ رضني به} (3) .
فالرضا إنَّما يأتي بعد الاستعانة، والتوكل على الله؛ لأن اليقين بالقضاء الذي لم يقع ليس برضا، وإنَّما يكون بعد وقوع المقضي، أمَّا قبل وقوعه فاستعانة وتوكل فقط، فمن بلغ الرضا فلاشك أنه استعان بالله وتوكل عليه، ومن استعان بالله وتوكل عليه فقد بلغ الرضا.
الأمر بالرضا بالقضاء والحث عليه
حث الإسلام على الرضا بالقضاء والقدر، وأمر به في نصوص كثيرة، منها:
1 - قول الله - تعالى -: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسى أَن تَكْرَهُوا شَيئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (4) .