وقال العلامة المباركفوري في (تحفة الأحوذي) (84) : اعلم أن الحنفية في هذا الزمان، يواظبون على رفع الأيدي في الدعاء بعد كل مكتوبة مواظبة الواجب، فكأنهم يرونه واجباً، ولذلك ينكرون على من سلم من الصلاة المكتوبة وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم قام ولم يدع ولم يرفع يديه. وصنيعهم هذا مخالف لقول إمامهم الإمام أبي حنيفة، وأيضاً مخالف لما في كتبهم المعتمدة. انتهى.

2 - ومما يتعلق بمذهب مالك رحمه الله في الذكر الجماعي ما جاء في كتاب (الدر الثمين) للشيخ محمد بن أحمد ميارة المالكي (85) : كره مالك وجماعة من العلماء لأئمة المساجد والجماعات الدعاء عقيب الصلوات المكتوبة جهراً للحاضرين. ونقل الإمام الشاطبي في كتابه العظيم (الاعتصام) (86) قصة رجل من عظماء الدولة ذوي الوجاهة فيها موصوف بالشدة والقوة، وقد نزل إلى جوار ابن مجاهد. وكان ابن مجاهد لا يدعو في أخريات الصلوات، تصميماً في ذلك على المذهب - مذهب مالك - لأن ذلك مكروه فيه. فكأن ذلك الرجل كره من ابن مجاهد ترك الدعاء، وأمره أن يدعو فأبى فلما كان في بعض الليالي قال ذلك الرجل: فإذا كان غدوة غد أضرب عنقه بهذا السيف. فخاف الناس على ابن مجاهد فقال لهم وهو يبتسم: لا تخافوا، هو الذي تُضرب عنقه في غدوة غد بحول الله. فلما كان مع الصبح وصل إلى دار الرجل جماعة من أهل المسجد فضربوا عنقه. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015