الأول: أنها غير صريحة في التكبير الجماعي بالشكل الذي يدعو إليه من يقولون بمشروعية الذكر الجماعي، بل غاية ما فيها أن الناس تأسَّوا بعمر رضي الله عنه فكبروا مثله وبأصوات مرتفعة، وبسبب تداخل واختلاط الأصوات مع كثرة الحجيج فقد ارتجت منى بالتكبير. ولا يفهم منه أن عمر رضي الله عنه كان يكبر ثم يسكت حتى يرددوا خلفه بصوت رجل واحد. وإلا فإن أئمة المذاهب المتبوعة لم ينقل عنهم الإقرار للذكر والتسبيح والتكبير بصوت واحد فلو فهموا منه ما فهمه دعاة الذكر الجماعي لقالوا به. ولكنهم فهموا هذه الآثار - والله أعلم - على ما سبق ذكره في أول هذا الوجه.

وأما أثر ميمونة فيقال فيه ما قيل في أثر عمر. وليس فيه إلا تكبير النسوة مع الرجال في المسجد.

الثاني: أن عمر رضي الله عنه قد ثبت عنه أنه عاقب من اجتمعوا للدعاء والذكر وغيره كما في الأثر الذي رواه ابن وضاح. وقد سبق إيراده في بيان حجج المانعين من الذكر الجماعي وأدلتهم.

الثالث: أن مثل هذا التكبير من عمر والترديد من الناس لم ينقل في غير أيام منى، ووقت الحج. ولو جاز تعميم الحكم، والقول بجواز الذكر الجماعي في المساجد والبيوت، وبعد الصلوات وفي الأوقات المختلفة، لكان في هذا مخالفة واضحة للآثار السابقة عن عمر، وابن مسعود، وخباب، وغيرهم رضي الله عنهم جميعاً.

رابعاً: وأما الأمر الرابع الذي استدلوا به: وهو دعواهم أن للذكر الجماعي مصالح عديدة، فيجاب عنه بما يأتي (74) :

طور بواسطة نورين ميديا © 2015