الوجه الأول: أن ذكر الله ليس مقصوراً على التسبيحات والدعوات، وما يقال باللسان، بل إن ذكر الله سبحانه وتعالى يشمل كل قول وفعل يرضي الله تعالى ومنه مجالس العلم والفقه، والقرآن، ولذلك فإن ما ورد في فضل مجالس الذكر ليس المقصود منها فقط ما ذكروه، بل وغير ذلك.

ويدل على ذلك ما ورد في كتاب الحلية لأبي نعيم الأصبهاني، بسنده إلى أبي هزان قال: سمعت عطاء بن أبي رباح يقول: من جلس مجلس ذكر كفر الله عنه بذلك المجلس عشرة مجالس من مجالس الباطل. قال أبو هزان: قلت لعطاء: ما مجلس الذكر؟ قال: مجلس الحلال والحرام، وكيف تصلي، وكيف تصوم، وكيف تنكح، وكيف تطلق وتبيع وتشتري (68)

وقال الحافظ ابن حجر: والمراد بالذكر: الإتيان بالألفاظ التي ورد الترغيب في قولها والإكثار منها، مثل: الباقيات الصالحات وهي: ((سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)) ، ونحو ذلك. والدعاء بخيري الدنيا والآخرة. ويطلق ذكر الله أيضاً، ويراد به: المواظبة على العمل بما أوجبه، أو ندب إليه: كتلاوة القرآن، وقراءة الحديث، ومدارسة العلم والتنفل بالصلاة (69) .

قال العلامة المباركفوري (70) : ((المراد بالذكر - هنا -: الإتيان بالألفاظ التي ورد الترغيب في قولها، والإكثار منها مثل الباقيات الصالحات، وهي: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وما يلتحق بها من الحوقلة، والبسملة، والحسبلة، والاستغفار، ونحو ذلك، والدعاء بخيري الدنيا والآخرة. ويُطلق ذكر الله أيضاً ويُراد به المواظبة على العمل بما أوجبه، أو ندب إليه، كتلاوة القرآن، وقراءة الحديث، ومدارسة العلم، والتنفل بالصلاة)) .

فإن قال قائل من هؤلاء: إن الذكر بالألفاظ الواردة نوع من أنواع الذكر اللساني يشمله أحاديث فضل مجالس الذكر فدل ذلك على استحباب الاجتماع لأجل هذا الذكر اللساني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015