فانظر إلى ما أدى إليه سوء فهم المعطلة لنصوص الأسماء والصفات ولم يكن المشبهة بأحسن حالاً من المعطلة فهم كذلك أدى بهم سوء فهمهم لنصوص الصفات إلى تشبيه الخالق سبحانه وتعالى بخلقه فقد فهموا منها مثل ما للمخلوقين وظنوا أن لا حقيقة لها سوى ذلك، وقالوا محال أن يخاطبنا الله سبحانه بما لا نعقله (1) . وهم بذلك عطلوا الله تبارك وتعالى عن كماله الواجب له حيث مثلوه وشبهوه بالمخلوق الناقص، وعطلوا كل نص يدل على نفي مماثلة الله لخلقه.
وقد هدى الله أصحاب سواء السبيل للطريقة المثلى فأثبتوا لله حقائق الأسماء والصفات ونفوا عنه مماثلة المخلوقات فكان مذهبهم مذهباً بين مذهبين وهدى بين ضلالتين.
فقالوا: نصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله (من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تشبيه ولا تمثيل بل طريقتنا إثبات حقائق الأسماء والصفات، ونفي مشابهة المخلوقات، فلا نعطل ولا نؤول ولا نمثل ولا نجهل، ولا نقول ليس له يدان ولا وجه ولا سمع ولا بصر ولا حياة ولا قدرة، ولا استوى على عرشه.
ولا نقول له يدان كأيدي المخلوق ووجه كوجوههم وسمع وبصر، وحياة وقدرة واستواء، كأسماعهم وأبصارهم وحياتهم وقدرتهم واستوائهم.
بل نقول: له ذات حقيقة ليست كذوات المخلوقين وله صفات -حقيقة لا مجازاً- ليست كصفات المخلوقين، وكذلك قولنا في وجهه تبارك وتعالى، ويديه، وسمعه وبصره، وكلامه، واستوائه.