النقطة الثانية: ((وهي أن لا يتعدى بها اسمها الخاص الذي سماها الله به، بل يحترم الاسم كما يحترم الصفة، فلا يعطل الصفة، ولا يغير اسمها ويعيرها اسماً آخر. كما يفعل المعطلة الذين لم يريدوا تنزيه الله ووصفه بالكمال وإنما أرادوا أن يحولوا بين القلوب وبين معرفة ربها، ولذلك سموا إثبات صفاته وعلوه فوق خلقه، واستواءه على عرشه: تشبيهاً وتجسيماً وحشواً، فنفروا عنه صبيان العقول، وسموا نزوله إلى سماء الدنيا وتكلمه بمشيئته، ورضاه بعد غضبه، وغضبه بعد رضاه وسمعه الحاضر لأصوات العباد، ورؤيته المقارنة لأفعالهم ونحو ذلك: حوادث. وسموا وجهه الأعلى، ويديه المبسوطتين وأصابعه التي يضع عليها الخلائق يوم القيامة: جوارح وأعضاء. مكراً منهم كُبّاراً بالناس. كمن يريد التنفير عن العسل فيمكر في العبارة ويقول: مائع أصفر يشبه العذرة المائعة. أو ينفر عن شيء مستحسن فيسميه بأقبح الأسماء فعل الماكر المخادع فليس مع مخالف الرسل سوى المكر في القول والفعل.
ولقد راج مكر هؤلاء المعطلة على أصحاب القلوب المظلمة الجاهلة بحقائق الإيمان وما جاء به الرسول (، فترتب على ذلك إعراضهم عن الله وعن ذكره ومحبته، والثناء عليه أوصاف كماله ونعوت جلاله، فانصرفت قوى حبها وشوقها وأنسها إلى سواه.