قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} . (البقرة/43) .
أمر الله بني اسرائيل بالركوع بعد قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} ، لأن صلاتهم لا ركوع فيها، قال أبو حيان (ت754هـ) : ((المشاهد من صلاة اليهود والنصارى خلوها من الركوع، … ويحتمل أن يكون ترك الركوع مما غيرته اليهود والنصارى من معالم شريعتهم)) (1) ، وقال برهان الدين البقاعي (ت885هـ) : ((تتبعت التوراة فلم أره ذكر فيها الركوع)) (2) ، وقال في موضع آخر: ((سألت عن صلاة اليهود الآن فأُخبرت أنه ليس فيها ركوع)) (3) ، وصرح غير واحد من العلماء بأن صلاتهم لا ركوع فيها (4) ، وأثناء كتابة هذا البحث سألت من صلاة اليهود والنصارى فأُخبرت أنه ليس فيها ركوع ولا سجود، وإنما هو إيماء، ولا يبعد أن ذلك مما غيرته اليهود والنصارى في شرع الله.
وفي هذا الأمر تأكيد لليهود المخاطبين على الإتيان بصلاة المسلمين، كما تضمن قوله تعالى: {مَعَ الرَّاكِعِينَ} إيقاعها في جماعة (5) ، فالمقصود بالركوع في الآية الركوع المعهود لأن الأصل في إطلاق الشرع المعاني الشرعية (6) ، ويمكن أن يراد به الصلاة نفسها، فعبر عنها بفعل لازم من أفعالها، وهو الركوع، وذلك يدل على فريضته فيها (7) .