((يعني في المصلين، وكان يقال: يرى مَن خلفه في الصلاة)) (1) ، ويشهد لهذا ما جاء في الصحيحين أن الرسول (قال: ((أقيموا الصفوف فإني أراكم خلف ظهري)) (2) ، فمعنى التقلب عند مجاهد رحمه الله إبصار الساجدين، وليس هو هيئات الصلاة من قيام وركوع وسجود، ولهذا اعتبره ابن عطية (ت541هـ) معنى أجنبيا هنا (3) تبعا للطبري (ت310هـ) حيث قال: ((وكذلك أيضا في قول من قال: معناه تتقلب في إبصار الساجدين، وإن كان له وجه فليس ذلك الظاهر من معانيه)) (4) .

وهذه الآية شبيهة بآية الحجر - التي سبق الكلام عنها آنفا - في مقصدها ومعناها، حيث إن كلا منهما سُبقت ببيان موقف الكافرين من دعوة الرسول (، كما تضمنت كل منهما توجيه الله تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام بملازمة الصلاة، وفي الجمع في كل منهما في لفظ {السَّاجِدِينَ} إشارة إلى صلاة الجماعة (5) ، ولا سيما أن هذا التوجيه في السورتين سُبق بخفض الجناح للمؤمنين الذين بهم قوام صلاة الجماعة.

قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} (ق/39-40) :

{أَدْبَارَ} جمع دبُر، أي في أعقابه، وفي قراءة سبعية أخرى بكسر الهمزة مصدر أدبر يدبر إدبارا، والتقدير: وقت إدبار السجود (6) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015