المعنى الأول: وهو يُصّلون، فالسجود اسم للصلاة، وإنما عبر عن الصلاة بالسجود لأنه أدخل في كمال الخضوع والخشوع والتضرع (1) ، ولأن التلاوة لا تكون في السجود (2) ، فهي على هذا جملة في موضع حال، أي يتلون آيات الله متلبسين بالصلاة (3) .

المعنى الثاني: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ} في صلاتهم، وهم مع ذلك يسجدون فيها، فالسجود هو السجود المعروف في الصلاة)) (4) ، وهذا هو الظاهر من لفظ السجود (5) ، لأن الأصل في إطلاق الألفاظ الحقيقة الشرعية.

والمراد بالصلاة – في أولى أقوال العلماء في هذه الآية – صلاة العشاء (6) لقول ابن مسعود (ت32هـ) رضي الله عنه ((أخَّر رسول الله (صلاة العشاء، ثم خرج إلى المسجد، فإذا الناس ينتظرون الصلاة، قال: ((أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم)) ، قال: وأُنزل هؤلاء الآيات: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} حتى بلغ {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} (7) .

وأما قوله تعالى: {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} فحمله الحسن (ت110هـ) على ظاهره وهو السجود على اللِّحى، وهذا القول لا يستقيم إلا إن كان المقصود بالذين أوتوا العلم السابقين ممن لم يدركوا الإسلام والقرآن وإنما عرفوه من خلال كتبهم، وكان كذلك سجودهم (8) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015