وأما سجود الكافر خضوعاً على حسب ماهو في اللغة فلأنه منقاد لمشيئة الله وقدرته (1) ، وقال مجاهد (ت104هـ) : ((ظِل الكافر يسجد طوعا وهو كاره (( (2) ، وقال الزجاج (ت311هـ) : ((والكافر إن كفر بقلبه ولسانه وقصده فنفس جسمه وعظمه ولحمه وجميع الشجر والحيوان خاضعة لله ساجدة)) (3) .
سجود الموات والجماد المعبر عنه ب (مالا يعقل) : مامن حيوان ولا نبات ولا جماد إلا وهو مطيع لله خاشع له مسبح له كما أخبر الله تعالى عن السموات والأرض: {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} (فصلت/11) ، وقال جل شأنه في وصف الحجارة: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (البقرة/74) ، وغير ذلك من الشواهد، مما يدل على أن الله قد أودعها فهما وإدراكا، والخشية لا تكون إلا لما أعطاه الله مما يختبر به خشيته، فهو سجود طاعة، وعلينا التسليم لله، والإيمان بما أنزله من غير تطلّب كيفية السجود وفقهه، إلا ما جاء النص فيه مما سيأتي إن شاء الله قريبا، وهذا مذهب أهل السنة.
وقيل سجود الموات والنبات ونحوهما ظهور أثر الصنع فيها، على معنى أنه يدعو الغافلين إلى السجود عند التأمل والتدبر فيه وهذا مخالف لكثير من ظواهر الكتاب والسنة (4) .
الظلال: لها سجود خاص غير سجود الأشخاص، وقيل: إن المراد بالظلال الأشخاص، وهو ضعيف مخالف للتفسير ولظاهر الآيات (5) .