مجله المقتبس (صفحة 995)

يخطر ببالك أيها الحبيب أني أقصد بانتقادك هذا مدح الجنس اللطيف فإنا عالمة أن وجود فتاة مرتقية الفكر سليمة العقل خالصة من الأوهام والخرافات في بلادنا قد أصبح ضرباً من المحال وذلك أن المدارس التي أسست لتثقيف عقول البنات لا تعلمهن إلا مبادئ العلوم والفنون ضعيفة ضئيلة لا تكاد تسد الحاجة وقد لا توجد مهذبات مدربات في المدارس يهذبن الفتيات ويدربنهن على الفضائل وحب الكمال إلا ما ندر ومما يؤسفني أن أرى أن أهم درس يدرس في المدارس تعليم أمة اللغات لأننا لا نزال نعد التكلم أو العلم بإحدى اللغات دليلاً على الفضل والكمال وأغرب من هذا كله ما نراه من إنهماك المعلمات في تعليم البنات التفصيل على الزي المودة وزركشة الفساتين فالمعلمات يغرسن حب الأزياء في عقول النساء وهن غير مباليات بتثقيف عقول الفتيات ولذلك نرى الفتاة تخرج من المدرسة على آخر طرز وأحسن زي من الزينة والتبرج وقد تتكلم بلغة من اللغات فتكون حينئذ بلغت منتهى العلوم والآداب بزعمها وزعم أهلها. ولا يخفى عليك أن التي دأبها التزين واللباس وتجديد الأزياء لا تجد في وقتها متسعاً لتعليم ابنها وتهذيبه ولذلك أصبحت المرأة علتنا الاجتماعية ومقياسنا متى ارتقت ارتقينا وإذا هوت هوينا معها فلا تقوم لنا قائمة إلا بتهذيب المرأة التي إذا هزت بيدها اليمنى سرير ابنها هزت باليسرى الدنيا بأسرها والرجل العظيم لا يأتي إلا من عظيمة سبقته وهي أمه ولله در من قال (الطفل صفحة بيضاء وأمه تنقشه كما تشاء) ولعلنا نرى يوماً يكثر به نصراء المرأة الضعيفة فيعلمون حقائق الأمور ويعنون بتهذيب بناتهم ويخدمون بناتهم ويخدمون بذلك بني نوعهم. وإما نحن نربي أبنائنا كما نشاء ونجعلهم مثال الكمال ونثقف عقولهم ونعدهم للبيئة الاجتماعية خدمة يقومون بواجباتهم نحو بني الإنسان والحيوان.

= لقد أعجبني خطابك البديع الذي أعرب عما في ضميري ولكن ما لي أراك مرتدية على أخر زي؟ أما كان اللائق بك أن تبتدئي بنفسك وتهجري الأزياء وتنزعي عنك المجوهرات الثقيلة التي استغرب كيف تطيقين حملها على إنه كأن يكفيك رداء جميل الزركشة في شكل بسيط يقبله الذوق السليم.

= كان يجب علي ابتداء بنفسي ولكني خفت من أن توجه سهام اللوم وأصبر عرضة لأفواه الناس وربما جلب ذلك على والدي كلام المتكلمين فحطوا من قدره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015