مجله المقتبس (صفحة 994)

فمقامك أعظم من مقام أبي عندي أن كان أبي الذي توفي والدي بالجسم فإنت أبي بالفكر أبي بالعلم أبي بالأدب أبي بكل شيء قال اله تعالى (ولئن شكرتم لأزيدنكم) والعبد يقر ويعترف بأنه ليس في وسعه شكر النعم الجسام التي أولانيها مولاي فليس لي إلا أن أطيعه في كل ما يصدر من سعادة فمر بما تريد وأنا عبدك المطيع.

- بارك الله بكرم أخلاقك ووفقك وجعلك من أسعد الناس وأعلم يا بني أني على غاية من الأسف لما عانيته من العذاب في زواجك وأنا حتى بلغت مما أقر عيني به كلما نظرت إليك وسمعت عنك فأحب أن أصل ما بدأته معك لتترحم علي بعد موتي وتكون ولياً على عائلتي التي ستصبح بعدي بدون رجل يتولى شؤونها وهذا لا يتم إلا بزواجك من ابنتي جميلة فأعرضها عليك إذا لم يكن لك مانع

- لا مانع لي يمنعني عن نيل النعم فالعبد رهين الأمر في كل حين فمر بما فلا تجدني إلا عبداً مطيعاً

- حفظك الله وسنعقد لك عليها هذا الأسبوع إن شاء الله السميع العليم

- أطال الله عمر مولاي

ثم شكر فضله وقبل يده ودخل الباشا على ما دار بينه وبين سعيد وهذه أخبرت جميلة ففرحت وأيقنت بنيل المراد. وبعد أربعة أيام دعي عمال الولاية والأمراء والوجهاء والعلماء إلى دار الباشا المشار إليه ووكل سعيد أحد أحباب الباشا وعين بعد شهر من تاريخ العقد.

غدا سعيد يرقب يوم العرس بفروغ الصبر ولما أن الوقت استعد للسرور فدعا رفقاءه ليشاركوه بفرحه وحبوره وما علم بما أخفاه له الدهر الخؤون وقد نامت عينه عنه إلى حين فأدخله الباشا تلك الليلة على جميلة وأوصأهما بعضهما ببعض ودعا لهما بالتوفيق.

فلما دخل بها وخلت به أخذت تعاتبه قائلة: لو كنت خالياً من أوهامك الغريبة وحفظت العهد لنلت ما نلته الآن وما كنت وقعت ولكن خلق الإنسان عجولا على أني ما زلت أعجب منكم معشر الشرقيين فمهما كبر عقلكم وارتقى فكركم ودرستم العلوم والفنون لا تزالون مقيدين بالأوهام الباطلة ولقد ترى الواحد منكم ينتقد الخرافات ويعيب أوهام غيره ويرتكبها غير مختار وذلك بما تعلمه من أمه الجاهلة في طفولته يرضع لبأن الخرافات مع لبن أمه ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015