مجله المقتبس (صفحة 887)

فتبين مما تقدم أن أهم وظائف الحكومة نحو الأمة حفظ كيانها من تعدي الأعداء في الداخل والخارج وهذا لا يقوم إلا بأحكام أسس العدل والحرية وتعميم المعارف وتوفير أسباب الزراعة وتنظيم الصنائع وتسهيل طرق التجارة وكل ذلك يحتاج إلى دراهم ولذلك أحق للحكومة أن تأخذ من الأمة أجرة قيامها بنشر العدل والأمن داخلاً وخارجاً براً وبحراً وليست هذه الأجرة إلا أموال الحكومة التي يحق لها تقاضيها من أفراد الأمة.

قال أبو يوسف: كتب أمير الطائف إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن أصحاب النحل لا يؤدون إلينا ما كانوا يؤدون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويسألون مع ذلك أن نحمي لهم أوديتهم فأكتب إلي بريك في ذلك فكتب إليه عمر أن أدوا إليك ما كانوا يؤدونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاحم لهم أوديتهم وإن لم يؤدوا إليك ما كانوا يؤدونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلا تحم لهم قال وكانوا يؤدون إلى النبي عليه الصلاة والسلام من كل عشر قرب قربة اهـ ص 40 وقال: فلما رأى أهل الذمة وفاء المسلمين لهم وحسن السيرة فيهم صاروا أشداء على عدوا المسلمين وعوناً للمسلمين على أعدائهم فبعث أهل كل مدينة ممن جرى الصلح بينهم وبين المسلمين رجلاً من قبلهم يتجسسون الأخبار عن الروم وعن ملكهم وما يريدون أن يصنعوا فأتى أهل كل مدينة رسلهم يخبرونهم بأن الروم قد جمعوا جمعاً لم ير مثله فأتى رؤساء أهل كل مدينة رسلهم الأمير الذي خلفه أبي عبيدة عليهم فأخبروه بذلك فكتب والي كل مدينة ممن خلفه أبو عبيدة إلى أبو عبيدة يخبره بذلك وتتابعت الأخبار على أبي عبيدة فاشتد ذلك عليه وعلى المسلمين فكتب أبو عبيدة إلى كل وال ممن خلفه في المدن التي صالح أهلها يأمرهم أن يردوا عليهم ما جبي منهم من الجزية والخراج وكتب إليهم أن يقولوا لهم إنما رددنا عليكم أموالكم لأنه بلغنا ما جُمع لنا من الجموع وإنكم قد اشترطتم علينا أن نمنعكم وإنا لا نقدر على ذلك وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم ونحن لكم على الشرط وما كتبنا بينا وبينكم إن نصرنا الله عليم. فلما قالوا ذلك لهم وردوا عليهم الأموال التي جبوها منهم قالوا ردكم الله علينا ونصركم عليهم فلو كانوا هم لم يردوا علينا شيئاً وأخذوا كل شيء بقي لنا حتى لا يدعوا شيئاً اهـ ص 81 فتأمل!

كيف تطرح الضرائب

تبين مما فصلناه أن طرح الضرائب العادلة التي تطبق الأمة حملها (لا يكلف الله نفساً إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015