ذي النون ملوك طليطلة من الثغر الجوفي في الأندلس وكانت لهم دولة كبيرة وبلغوا في البذخ والترف إلى الغاية ولهم الأعذار المشهور الذي يقال هل الأعذار الذنوبي وبه يضرب المثل عند أهل المغرب وهو عندهم بمثابة عرس بوران عند أهل المشرق. وبوران هي ابنة الحسن بن سهل امرأة المأمون قالوا لما دخل إليها نثرت عليه جدتها ألف لؤلؤة من أنف ما يكون فأمر المأمون بجمعه فأعطاه بوران ثم أوقد تلك الليلة شمعة عنبر فيها أربعون مناً (رطلاً) وقالوا أن المأمون لم يرقه هذا الإسراف وقال فيه. وأقام المأمون في معسكر الحسن سبعة عشرة يوماً يعد له كل يوم ولجميع من معه ما يحتاج إليه وخلع الحسن على القواد مراتبهم وحملهم ووصلهم وكان مبلغ ما لزمه خمسين ألف ألف درهم وكتب الحسن أسماء ضياعه في رقاع ونثرها على القواد فمن وقعت بيده رقعة منها فيها اسم ضيعة بعث فتسلمها وأوعز إلى النوتية بإحضار السفن لإجازة الخواص من الناس بدجلة من بغداد إلى قصور الملك بمدينة المأمون لحضور الوليمة فكانت الحراقات المعدة لذلك ثلاثين ألفاً أجازوا الناس بها أخريات نهارهم.
والمتتبع لهذه الأخبار يعثر منها على الكثير ولاسيما في أيام مباهاتهم وولائمهم وأعراسهم فقد روى المؤرخون أن أبا الجيش خمارويه بن طولون صاحب مصر لما زوّج ابنته أسماء للمعتضد بالله العباسي على صداق قدره ألف ألف درهم جهزها أبوها بجهاز لم يمل مثله حتى قيل كان لها ألف هارون ذهب وشرط عليه المعتضد أن يحمل كل سنة بعد القيام بجميع وطائف مصر وأرزاق جنودها مائتي ألف دينار ويقال إن المعتضد أراد بزواجها افتقار الطولونية وكذا كان. وذكر ابن الأثير في حوادث سنة ثمانين وأربعمائة كيف نقل جهاز ابنة السلطان ملهشاه السلجوقي إلى دار الخلافة على مائة وثلاثين جملاً مجللة بالديباج الرومي وكان أكثر الأحمال الذهب والفضة وثلاث عماريات وعلى أربعة وسبعين بغلاً مجللة بأنواع الديباج الملكي وأجراسها وقلائها من الذهب والفضة وكان على ستة منها اثنا عشر صندوقاً من فضة لا بقدر ما فيها من الجواهر والحلي وبين يدي البغال ثلاثة وثلاثون فرساً من الخيل الرائقة عليها مراكب الذهب مرصعة بأنواع الجواهر ومهد عظيم كثير الذهب وسار بين يدي الجهاز سعد الدولة كوهرائين والأمير برسق وغيرهما ونثر أهل نهر مغلى عليهم الدنانير والثياب وكان السلطان قد خرج عن بغداد متصيداً ثم أرسل