وما منزلة رفاعة في العلم بخافية على دارس تاريخ النهضة العلمية في هذه الديار.
ولقد قامت بعد ذاك العهد مئات من الصحف الإخبارية والعلمية ثم سقطت وانتشرت ثم انتثرت شأن كل نهضة في أولها خصوصاً في بلاد يغلب على أهلها القول حتى إذا حقت كلمة الفعل تضاءلت نفوسها أبنائها وأعوزهم الثبات والصبر. وما عهد في تاريخ الحياة الاجتماعية أن عملاً نجح فيه صاحبه دون التشبث بأهداب عامة أسباب النجاح وتهيئة المعدات الضرورية من علم وعمل ومال ورجال اللهم إلا في الشرق فإن معظم من ينجحون فبالاتفاق هذا وقد نفعت الصحف على قلة نصرائها في تنوير العقول وتحسين ملكة المنثور والمنظوم فانتقل زمرة من العامة بإدمان مطالعتها من طور العامية إلى طور العالمية. ولكم كانت الجرائد والمجلات باعثة على تعلق بعضهم بالمطالعة حتى صارت لهم عادة وجبلة وفتحت لهم طريق البحث والدرس. وسقياً ليوم تتأصل فيه الحرية الحقيقية في أخلاق الأمة فتذكر المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته. ورعياً لعهد نرى فيه لقادة الأفكار من تعليمهم الحر ما يلتزمون به القصد فلا إلى تفريط ينهجون ولا في الإفراط يسترسلون. وقد خطب حاكم الهند منذ مدة متخرجي المدرسة الجامعة بكلكتا فقال أن المبالغة من شأن جرائد تلك البلاد فهلا خطب فينا من يحسن وصف جرائدنا هذه. وبعد فهذا رأي مولع بالصحف على اختلاف ضروبها منذ صغره بل خاطر صحافي خدم الصحافة سنين كثيرة صرح به على جليته غير مدالس ولا مؤالس والله يعلم وأنتم لا تعلمون.