الخلق. وقد صح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال في ذلك العصر الأول حفظت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعاءين أما أحدهما فبثثته في الناس وأما الآخر فلو أبثه لقطع هذا البلعوم.
ومازال الأمر في ذلك يتفاحش وقد صرح الغزالي بذلك في خطبة المقصد الأسنى ولوّح بمخالفته أصحابه فيها كما صرح بذلك في شرح الرحمن الرحيم. وأشار إلى التقية الجويني في مقدمات البرهان في مسألة قدم القرآن، والرازي في كتابه المسمى بالأربعين في أصول الدين. قال: وثانيهما الاعتماد على الكتابة في حفظ العلم فإنه أدى إلى كتم أهل العلم لكثير من مصونه في أول الأمر ثم لمهمات الدين في آخره وكان العلم في أول الأمر يبذل من أهله لأهله مشافهةً ولو سراً وذلك أول النقص وهو محفوظ في الصدور غير مبذول لأهل الشرور في الشعور فلما قلّ الحفظ وطال الأمر وكتب ليحفظ وتعذرت الصيانة وخيف العدوان من أعداء أهل الإيمان كتم بعضهم فلم يظهر علمه فازداد النقص واتقى بعضهم فتكلم بالمعاريض الموهمة للباطل خوفاً على نفسه ورمز بعضهم فغلظ عليه فيما قصده في رمزه فتفاحش الجهل.
وأما الفرق بني ما يجوز من المصانعة والمداهنة وما لا يجوز من الرياء فما كان من بذل المال والمنافع فهو جائز وهو المصانعة وربما عبر عنه بالمداهنة والمداراة والمخالفة وما كان من أمر الدين فهو الرياء الحرام. ومن كلام الإمام الداعي إلى الله تعالى يحيى بن المحسن عليه السلام في الرسالة المخرسة لأهل المدرسة: لا يجوز أن تكون المولاة هي المتابعة فيما يمكن التأول فيه لأن كثيراً من أهل البيت عليهم السلام قد عرف بمتابعة الظلمة لوجه يوجب ذلك فتولى الناصر الكثير منهم وصلى بهم الجمعة جعفر الصادق وصلى الحسن البسط على جنائزهم وأقام علي بن موسى الرضا مع المأمون وكثَّر جماعته وتزوج ابنه محمد ابنة المأمون وغير ذلك. والوجه فيه أن الفعل لا ظاهر له فتأويله ممكن. وذكر الإمام المهدي محمد بن المطهر عليهما السلام أن الموالاة المحرمة بالإجماع هي مولاة الكافر لكفره والعاصر لمعصيته ونحو ذلك. وهو كلام صحيح والحجة على صحة الخلاف فيما عدا ذلك أشياء كثيرة منها قوله تعالى في الوالدين المشركين بالله: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} ومنها قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ