العقل والعلم وكم قرأت وسمعت من أخبار الرجال الذين كانوا عزموا على الانتحار من أجل معشوقاتهم وبعد أن حظوا بقربهن تركوهن يعانين آلام العذاب وندر من انتحر والنادر لا حكم له. وإني لا أود أن أسمع من عاقل مثلك أن يقول هذا الكلام فلو كنت ممن يطيب لهم الانتحار لصبرت من أجلي وعملت مثلي. هذا والشائع على الألسن أن الرجال أقدر من النساء على ضبط أنفسهم ولكني رأيتك مع شدة عقلك ومتانة أخلاقك لم تمنع نفسك من خيانة العهد.
- كفى سيدتي أما قلت لك أني تزوجت اضطراراً علماً مني أنه من المحال أن أصل إليك لما بيننا من الدرجات والفروق.
- هل طلبتني ورجعت خائباً حتى تعتذر هذا الاعتذار الواهي؟
- لا أجرؤ على أن أخطبك لأني كنت على يقين من رجوعي خائباً وخفت أن تتحول عني أنظار الباشا وأن تنقلب محبته لي نفوراً مني فأكون حينئذ ضيعت آمالي على أني مازلت غريقاً في بحر الآمال.
- ماذا تقول؟ أجننت أم تهذر؟
- أعذريني على خطأي ولا تجرحي حواسي فإني مازلت أسعد بها.
- ماذا تقول؟ لقد صغرت في عيني بعدما كنت كبيراً!. أنسيت إننا كنا نتكلم عن تعدد الزوجات ووصف مضراته؟ وكيف يخيل إليك أن تجعلني شريكةً لمن خربت آمالي وجعلتني في حرمان من حبيبي الخائن؟
- آه سيدتي دعي عنك هذا الكلام فإني سأطلقها من أجلك وأرجع إليك إذا ساعدني الحظ.
- كيف تطلق زوجتك أم ولدك وأنت تعلم أن أبغض الحلال إلى الله الطلاق وماذا تكون حالها بعد الطلاق وماذا يؤول إليه أمر ابنك التعيس الذي سيتربى على غير ما تريد؟
- أنسيت أن الله تعالى قال: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} على أني سعيت لأمسكها بمعروف فلم يتيسر لي لأنها شربت لبن اللؤم من أمها ولا أمل لي بإصلاح حالها وهي كلما تقدمت ودرست على أمها زادت لؤماً وخبثاً وبغضاً إلي فطبيعة الحال تسوقني إلى تسريحها وأما ابني فإنه أهمل وترك للطبيعة تتصرف به كما تشاء فخانته وسلطت عليه الأمراض وقد أخبرني الطبيب أن لا أمل في حياته وإذا مات أراحنا واستراح وبذلك